.....................................
.....................................
.....................................

-  اسم الله عليك يا كركر !!

و هرعت جلاجل نحوه دون أن تعبأ بكتل اللحم الآدمى !!

اعتدل الأستاذ على مستعينا بما تيسر من السيقان و الكراسى ووقف مقهقها ، و أردف مخففا من وقع الصدمة:
-  خير ان شاء الله .. أخبار الأكل ايه يا جلجولة ؟!

ردت بصوتها المثبت على طبقة ( السوبرانو ) :
-  السفرة جاهزة ..اتفضلوا يا جماعة ..

      ما ان نطقت بها .. حتى اندفعت جحافل المدعوين كأنما يفرون من حريق اندلع فى المكان ، متوجهين عدوا و هرولة تجاه شقة العبد لله  ، حتى الأستاذ على السمبوخسى انطلق و هو يترجرج مثل بالون ضخم مملوء بالماء ، بينما علت وجهه سعادة طفولية تنضح بالبراءة !!

     كادت الأجسام المتلاصقة تحملنى و انا ألبى معها نداء الجوع ، وشعرت أننى خاضع لقانون ( الطرد المركزى ) الذى سلب ارادة أقدامى و ثبتها على هدف واحد  تعلقت به القلوب و البطون .. ( المائدة ) .. و ما ان تفرقت الأجسام و استتب لكل ( جائع ) موقعه من السفرتين المستطيلتين ( احداهما تخص العبد لله ).. حتى وجدت نفسى وحيدا خارجا من رحمة السمبوخسية الذين هجموا على ما لذ و طاب هجمة رجل واحد ، فانتفخت الأوداج بالبفتيك و الدجاج المحمر و الكفتة والكسكسى ..
و أخذت سيمفونية ( شفط ) الشوربة و ابتلاع السوتيه تتصاعد مع ايقاع الملاعق التى تحدث رنينا متنوعا حسب حجم الطبق و درجة الطرق !!.

     حاولت احداث ثغرة فى الحائط البشرى المحكم دون جدوى ..فوقفت ( محتاسا) و متضورا و ذليلا .. و كادت تنتابنى حالة الدروشة التى تعترينى فى ( الزنقات ) و أصرخ بما تيسر من حكمة تناسب الموقف ، لولا زوجتى  اللهلوبة  التى أنقذتنى و توجهت الى على السمبوخسى مباشرة قائلة فى صوت آمر :

- وسع يا سى على شوية .. خدك ريحك يا خويا .. دا الأفندى على لحم بطنه م الصبح .. خش يابو احمد .
. ثم غمزت لى غمزة ذات مغزى ، و طرقعت ( لولولولولى ) فوق الرؤوس المحتقنة التى ركزت كل حواسها فى حاسة واحدة .. البلع !!

     استطعت أن أنجو بمعجزة من على السمبوخسى المصاحب لى كالتوأم الملتصق ، اذ مارست خبرتى الوظيفية فى  التزويغ  من موكب سيارات الميكروباس  المستأجرة للتوجه الى مسجد  سيدى المشموطى  لعقد قران المحروسة أنوسة ..

     تسللت كالزواحف فى غفلة من الحضور الى سطح البيت،و بمجرد وصولى الى  براح  السطوح ، احتوتنى هبة رطبة من الهواء النقى ، و بدأت أذنى تتماثل للشفاء  وهى تطرد بقايا آخر أغنية سمعتها  ( العب على أد ما تتعب ) ..

     اختبأت فى الحجرة المهجورة التى خصصت لتخزين كراكيب السكان ، و وقفت أنتظر هدير الكلاكسات  ايذانا بمغادرة الشارع ..و انتابتنى فرحة ماكرة و أنا أتخيل على السمبوخسى يفتش عنى بلهفة و جنون .. متيقنا أن السطوح لن يخطر له على بال ..

السابعة