جلس الأستاذ على السمبوخسى أبو العروسة الى جانبى من باب المجاملة و حسن الضيافة ، و قد فاض فخذه الأيمن محتلانصف مقعدى و ملتصقا بساقى التى كادت تختفى تحت طيات لحمه المرهرط الدافىء .. و كنت أشيح عنه برأسى كلما دنا منى بفمه الواسع ليحدثنى بسرسعته الحادة ، مستهدفا صرصور ودنى مباشرة ، فتتوه كلماته
و سط صخب سماعات الأسطى عبده الطنيخى ، و الهرج العشوائى للضيوف من أقارب و جيران و متسللين !!..
كان ( السامبو ) المطرب الشعبى الذى جاوزت شهرته الآفاق قد بدأ للتو فى الغناء بأداء يشبه طريقة منادى السيارات ، حيث( تتقطم ) الحروف فى فمه و( تشحر) حنجرته بصوت طارد وعدوانى .. فكان لأغنيته تأثير السحر فى الحضور .. اذ ارتفعت حرارة المكان ، و انبرى الجميع للرقص على ايقاع اللحن الملعلع مرددين معه كلماتها :
البنت داخت يا جماعة ...... بيفوقوها ييجى من ساعة ...
يا مغناطيسك يا سامبوووووو ...... ياللى صوابعك ولاعة
( لاعة ) .. ياللى شفايفك ولاعة ( لاعة )
شعرت بالايقاع المستفز يسرى فى أعصابى ، و أن شيطانا هابطا ردىء الذوق يسكن فى عروقى ، و يحض جسمى على الرقص و الشخلعة.. و لكنى قاومتهبصرامة و جلد مذكرا نفسى بضرورة التزام الوقار و الرصانة ، و فوجئت بالسمبوخسى يصرخ فى أذنى
: قوم ارقص يا راجل .. دا انت وسطك هايفط من على الكرسى .. خش يا ابو أحمد .. تحب أحزمك ؟! ..
اعتدلت فى جلستى و تنحنحت ملقيا نحوه نظرة متجهمة و صارمة حتى أمحو ما فى عقله من أوهام !!
لم يقطع السمبوخسى الأمل فى أذنى لحظة واحدة .. و كنت أرد على كلامه المبهم بهمهمات لا معنى لها ، فيهز رأسه مبتسما !! ..و بينما كانت زوجتى تمر فى رحلات مكوكية عبر المطبخين ، و فى اللحظة التى تعلقت عينى بها محاولا استنتاج الوقت المتبقى على تجهيز الطعام ، اذا بكف على أفندى البضة الغليظة (تطرقع ) فوق فخذى و هو يقول :
- عقبال ما تفرح بـ لولو .
أعقبها بقهقهة بريئة لا مبرر لها .. سكتت صوصوة عصافير بطنى بفعل الألم الذى استشرى فى ساقى .. و نظرت اليه مندهشا و مغتاظا و أنا أكاد أبكى من هول الوجع . و لكنه اقترب ثانية واضعا فمه الواسع فى قوقعة أذنى و سرسع قائلا :
- أهل العريس ناس مبسوطين قوى .. من عيلة أبو طور .. أكبر تجار أعلاف فى وجه بحرى .. يعنى لا مؤاخذة مواشى البلد تبات جعانة من غيرهم
( و انتابته موجة عاتية من الضحك ، و كادت كفه البضة تطرقع ثانية فوق فخذى لولا امساكى بها فى اللحظة المناسبة ) ، و أسهب مسرسعا :
- حلفوا ميت يمين ان هما اللى يشيلوا الليلة كلها .. دى ( نمرة ) عديلة أم شفة لوحدها مكلفاهم تلات بواكى .. دا غير نمرة كوكى شقق .. عارفها ؟!
( منحنى ثوان أسلك فيها أذنى باصبعى السبابة ، ثم دنا نحوى بكامل جسمه قائلا )
- أصل البنت أنوسة دى طول عمرها غلبانة و حظها قليل .. جلاجل ما كانتش بتبطل دعا لجل ربنا يرزقها بابن الحلال .. صبرت ونالت !!
قد يبدو الأمر لمن يشاهد وضعى مع على افندى السمبوخسى ، أنه يحاول تقبيلى على خدى الأيسر طوال الوقت ، و أنا أتمنع عليه .. مما جعلنى أشعر أن الوضع مثير للشبهة !!
قررت الابتعاد الى أقصى اليمين بقدر المستطاع ..و أخذ هويقترب و يقترب .. أعجبتنى اللعبة .. أنا أبتعد و هو يقترب دون أن يتوقف عن الكلام ، الى أن اندلق من فوق كرسيه ساقطا على الأرض سقوطا مهيبا و مفاجئا دون أن يحدث صوتا .. بينما سرسعت زوجته جلاجل التى تصادف مرورها :