.....................................
.....................................
.....................................

     استيقظت من ( سرحانى ) الطويل ، على انفجار صوتى مفزع لجهاز ال ( دى جى ) و الذى بدأ للتو فى احداث صخب له أبعاد  زلزالية  مؤكدة ، و قد جذب انتباهى ذلك الشاب الذى ( يولف ) أغانى الدى جى بخلاعته المفتعلة و تمايله الممسوخ مع ايقاعات ( الراب ) .. و انتابنى قلق غير مبرر من سقوط  سرواله  الجينز الواسع ، بعد أن بدا واضحا أن البنطلون ( متشعلق ) بأعلى مؤخرته وقد أوشك على السقوط ، و أن عناية الهية خاصة تتدخل فى الأمر لمنع انكشاف عورته على الملأ .. فكان كلما تمايع محركا خصره فى حركات دودية موحية ،  كلما ازددت توترا و قلقا ، فأجدنى أتحسس بشكل تلقائى حزامى الجلد المحكم على وسطى !!

     استطعت أن أميز وسط الصخب ، صوت أبواق سيارات كثيفة وملحة تدنو من الشارع ، و قد التفتت الجموع المتناثرة منتبهة ، و صاح البعض:
-  العريس وصاااال!!



     و سرى الخبر فى الغرف الداخلية للشقتين ، و التى حوت النساء اللاتى انشغلن  بالزواق  ، فتدافعن كالطوفان تجاه الشرفة ، حيث أقف .

    بقيت ( مسمرا ) فى مكانى ،اذ كان موقفى حرجا باعتبارى  الذكر  الوحيد الذى انطمر فجأة بين أجسام هلامية طرية متدافعة ، لا تشعر بوجودى أصلا !!و كانت  ألصقهن  بى  الست علية السمبوخسى ، و التى انتباتها موجة من الفرح الهيستيري و هى تشاهد سيارات الزفة المزينة بالورود و الشرائط الملونة ، تتدفق قادمة من شارع  البطالسة
مما أنساها أن ثمة رجلا يكاد  ينفعص  بين يديها ..

     و الحق أن المشهد التلقائى الذى غمر الشارع يسلب الألباب و يلهى عن أى شعور سواه .. فقد سيطرت حالة من البهجة والتجلى على الجميع ، و خاصة مع ظهورعازفى فرقة المزمارالبلدى  و النقرزان بزيهم الصعيدى ، و التى كانت تنتظر   ظهور موكب العروسين .. مختلطة بهدير السارينات  و الأبواق  والصخب الجماعى للزفة التى يؤديها ( كورس ) الجموع البشرية المحتشدة بتلقائية رفعت درجة حرارة المكان  فكأنما أوركسترا عشوائية و غير مدبرة ، تنتج من تلك المتناقضات الصوتية لحنا متكاملا و انسانيا يصعب تفسيره !!

     و سرى بداخلى شعور تلقائى متصاعد و مسيطر يدفعنى الى التخلى عن وقارى الظاهرى ، و اطلاق زغروتة  أفجر بها ما انتبانى من حماس طاغ ، تسرب دونارادتى بفعل عدوى البهجة الجماعية .

وكدت أفعلها بعد أن وضعت كفى فى موضع الشنب  للتحليق على الزغروطة ، الا أننى عدت الى رشدى فى اللحظة الأخيرة ، متذكرا موقفى الذى لا أحسد عليه و أنا ( مدفوس ) وسط عشرات السمبوخسيات ، و كانت الست علية قد تمركزت فى موضعها ، و لم تتوقف زغاريدها الحادة الثاقبة عند أذنى تماما .. فقررت التملص مهما كلفنى الأمر ،و جاهدت لشق ممر و لو ضئيل بين عماليق النساء ، فتزحزحت محاولا ( الفلفصة ) من جانب الست علية السمبوخسى ، دافعا اياها برفق و وجل ،محاولا المرور  كالسكين فى الزبد  .. لكن حدث ما لا يحمد عقباه ، اذ
التفتت تجاهى و قد تفاجأت بوجودى محشورا  فى محيطها  فرنت نحوى بابتسامة خجول و عيون بدت  مسبلة من خلف نظارتها كعب الكباية ، وقالت بصوت تعمدت ألا يسمعه سواى :

- اخص عليك يا بو احمد .. ما يصحش كده .. هو انا استحمل الكلام ده .. . يا شئى ؟!!

ألجمنى الموقف للحظات ، و بمجرد أن أفقت ، اندفعت ( غير عابىء ) بين كُتل من اللحم الآدمى ، و هرعت الى الشارع متنفسا الصعداء ، لأشارك فى مشهد الزفة عن كثب !

العاشرة