حكاية لحن "اقرأ ياشيخ قفاعة "

صدرت الفتوى بإباحة أكل لحم الخيل في الإسكندرية، وأقبل الجمهور على شرائه حتى أصحاب المطاعم وثمنه لايزيد عن 3 قروش مصرية، فما فائدة إذن من بقاء ارتفاع أثمان اللحوم الأخرى في التعريفة العمومية.

ويترجم سيد درويش هذا النداء في كلمات ساخرة كتبها المبدع بديع خيري لتسمعها كافة الجماهير وتنتقل إلى كافة أنحاء البلاد القبلية والبحرية:

بعد أكل التسقية والسلطة والطعمية اللي بتهد الحيل

نرقع لنا اقتين ثلاثة من لحم الخيل ارقع ارقع ارقع

حكاية لحن "المراكبية "

بعد انقطاع المواصلات الحديدية استخدم الناس السفن الشراعية في النيل والترع للذهاب من بلد إلى آخر، وارتفعت أجورها ارتفاعا كبيرا، ولاينسى بديع خيري أن يسجل هذا الحدث ضمن أحداث رواية "قولو له" .

اللحن الذي يسجل هذا الواقع يأتي على لسان المراكبية وهم يجدفون لتسير مراكبهم على إيقاع غنائي يتمشى مع إيقاع حركة التجديف المنتظمة:

الوابور واجف حاله والمراكبي زاد ماله

مابجاش غيرنا يابو عمه

الجنيهات نازله علينا بهوات بيبوسوا ايدينا

نيجي نطردهم يتلموا

حكاية لحن "يابلح زغلول "

عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1917 أعلن ويلسن الأمريكي عن مبادئه التي تنص على أحقية الأمم والشعوب في تقرير مصيرها. وحاول بعض زعماء الشعب برئاسة سعد زغلول السفر إلى باريس لعرض قضية استقلال بلادهم. وظهرت نوايا السلطات الاستعمارية في عدم السماح لزعماء الشعب بالسفر، وتم اعتقال أربعة منهم هم سعد زغلول وحمدي الباسل ومحمد محمود و اسماعيل صدفي، ونفوا إلى جزيرة مالطة وصدرت التعليمات إلى جميع الصحف المصري بعدم التعرض لنشر أخبارهم أو مجرد الإشارة إلى أسمائهم.

وساهم سيد درويش في إعداد نوعية جديدة من المنشورات الوطنية , واعتمد في غنائياته على شخصية البائع المتجول الذي يحمل فوق رأسه قفصا مملوء بأي نوع من أنواع البلح، ويتحول إلى بلح زغلول، فكانت كلمة " السعد" وكلمة " زغلول" هما المخرج للتعبير عن الصدى المكبوت في صدور الملايين. وأستطاعت الأغنية أن تدخل التاريخ السياسي بهاتين الكلمتين، ونجحت الفكرة وامتلأت شوارع القاهرة بنداء بائعي البلح الزغلول.

omar1980

حكاية لحن "مقلتلكش إن الكترة "

كانت الرأسمالية الأجنبية تحتكر الجزء الأكبر من النشاط الاقتصادي في مصر وكانت الشركات الأجنبية تسخر العمال المصريين نظير أجور زهيدة لاتتعادل مع الجهد الذي يبذلونه في سبيل الإنتاج الذي يتحول إلى أرباح هائلة يستأثر بها أصحاب هذه الشركات.

تبنى الشيخ سيد درويش هذه القضية في كثير من أغانيه الشعبية وكان منها "مفلتكش إن الكترة" ويقول في جزء منها

عايشين في وادي النيل نشرب

م لعدادات على مللي وسنتي

من جاز لملح ومن سكر

لتر موايات الخواجة كريانتي

ربنا مايوركش دوختنا

الجيب نضيف أما البيت أنضف

إمتي بقى نشوف قرش المصري

يفضل في بلده ولايطلعشي

أنتم بمالكم وإحنا بروحنا

دي إيد لوحدها متصقفش

حكاية لحن "خفيف الروح "

كانت إحدى حفلات الزفاف، وكانت العادات تقضي بأن ينفصل الرجال عن النساء، فلكل مجلسه، للرجال مجلسهم، وللنساء مجلسهن، وكان الشيخ سيد درويش يقوم بإحياء الحفل، وفي نهاية غناء أحدى المقطوعات سمع ضحكة مجلجلة، فبحث بنظراته عن صاحبتها من خلال الفتحات المطلة عليهم، والتقت نظراتهما في أول لقاء بالعيون، واشتعلت في قلبه أول شرارة للحب، فما كان منه إلا أن أمسك برفيق مشاعره، العود، وارتجل طقطوقة "خفيف الروح"، أما الكلمات، فتفجرت منه معبرة عما جاش بصدره وقلبه، عند رؤيتها، وأما اللحن، فهو التدفق الرباني العبقري الذي اتسم به سيد درويش في التلحين، انبثق اللحن داخله كما تنبثق المياه من العيون، شلالا متدفقا، لايسعنا عند سماعه إلا أن نتمايل طربا معه.ولنقف لنتذكر اللحن والكلمات، "خفيف الروح".

الصفحة الحادية عشر