جلست مع صاحب النوادر وقلت له متسائلا :
-هايل يا أستاذ .. دلوقتي نتكلم في المهم .. أنت عايز كام في النوادر دي
فأجابني الرجل بهدوء :
- في الحقيقة هي متتقدرش بفلوس .. لكن كل حاجه وليها سعر

فأمسكت بإحدى خطابات فاروق وقلت له :
- ده مثلا بكام ؟
فحدق نحو الخطاب ثم أجابني قائلا :
- في الحقيقة أنا كنت بطلب فيه 7000 دولار لكن علشان خطرك حبيعهولك بـ 5000 بس .

اهتزت تفاحة ادم في عنقي وأنا ابتلع صدمتي اقبل أن أقول له متسائلا :
- بس إيه ! دولار ولا جنيه ؟
فأدرك الرجل ارتباكي في تحديد الرقم وقال :
- دولار طبعا .
فأجبته بلهجة ساخرة هذه المرة :
- تقصد 5000 دولار بس.

فابتسم وأنا ضحكت وقلت له :
- يعني ما يزيد عن 25000 جنيه مصري .

فقال محاولا إحراجي :
- إيه !! ميستاهلش؟
فأجبته فورا :
- لا طبعا مايستهالش .. بس أنت اللي تستاهل كل خير.

أخذت ابحث في راسي عن مناورة أو قل عملية كوماندوز عقلية خاطفة للسيطرة علي الموقف وانتزاع ما أعجبني وبهرني من نوادره (برضاه طبعا)
مع قراءة بعض التعازيم لاستحضار جان الإقناع وعفاريت المنطق وسحر البيان

(في بلدي الصعيدية بيقولو انه فيه كلام ميت .. يعني مالوش جواب .. الكلمة تخرج من فمك فلا تجد أجابه لها عند المستمع .. يعني كلام مسكت .. بس أحنا بنسميه ميت .. الله يرحمه.. قصدي اللي قالي الكلام ده)

لكن مكري ونفسي الأمارة بالتحف والنوادر انسحب كلاهما بسرعة وشعرت بمدى تبلد مشاعري أمام ما حكاه لي الرجل .. قال صاحب النوادر:
في الحقيقة أنا عمري ما فكرت أبيع أي حاجه من الحجات دي بس ..
ثم أشاح بوجه بعيدا ولمحت في عينيه نظرة حزن عميقة وأكمل حواره قائلا :
- المشكلة أني لازم اعمل عملية لبنتي ..
سقطت كل النوادر من عيني وخبا صوت هتاف رغبتي المجنونة .. وانفرجت شفتاي لكن صوتي ظل حبيسا و كان الصمت قد احتل المكان بأكمله

المسألة كانت في الحقيقة إنسانية في المقام الأول .. هل ستتحسن صورتي لو قلت أنني تمنيت في هذه اللحظة أن أكون طبيبا ماهرا لتعود الابتسامة علي شفاه هذا الرجل.. لن تفيد أمنيتي الساذجة في شئ ..


كثيرا ما تدخل بيوتا لبشوات الزمن القديم فتجد أحفادهم في حالة يرثي لها يبيعون الذكريات والمقتنيات الثمينة للعبور من أزماتهم المادية المتعاقبة بل قل يبيعون أنفسهم في هذا الزمن العجيب الذي انقلبت فيه كل المعايير (معلش الموضوع قلب بغم)

كسر الصمت صوت عم ضياء وهو يقول بتململ :
-احم .. هه .. حنعمل إيه ؟
طبعا الرجل ليس له ذنب فهو يريد إتمام أي صفقة لكي يحصل علي إتعابه

وهو في ذلك مثل الطبيب الذي شاهد آلاف الجراح الدامية والمآسي المحزنة .. من أجل ذلك أصبحت مشاعره محايده في مثل هذه المواقف..
(يعني خد وهات وقصر في الحكايات .. حاضر)
استبعدت الخطابات وأمسكت بمجموعة صور نادرة جدا اخترتها بعناية وقلت له :
- خلينا نتكلم في دول .. بكام ؟
فقال بعد أن أحصاهم وفحصهم جيدا :
- دول من النوادر .. نقول 15000 .. كويس .. قصدي جنيه .
و رغم ندرة صوره .. إلا أن أسعاره كانت مبالغ فيها ..

والاهم أن الصور كانت فعلا أصلية.. فهناك تحفجية عملهم الوحيد شراء نيجتفات صور فاروق وفؤاد وإعادة طبعها وطرحها في أسواق ومحال التحف علي أنها صور نادرة وأصلية .. لكن في الحقيقة الصور الأصلية لا يمكن تقليدها أبدا .. فلها علامات مميزة يعرفها خبراء التحف من أول وهلة .
عندما تمسك في يدك صورة أصلية ونادرة وتحركها بشكل مائل تجاه زاوية الضوء .. ستجد طبقة الفضة اللامعة تضوي في عينيك وتختفي تفاصيل الصورة الأصلية هذه ابسط طريقة للتعرف علي الصور الأصلية من الزائفة.
المهم أنني اتصلت بصديق لي مجنون أيضا كي يحضر ويقاسمني شراء هذه النوادر واشترينا مجموعة كبيرة منها بـمبلغ وقدره .. وأصبحنا شركاء في الصورالتي لن ولم يكتب لها البقاء في حوزتي ..
الصفحة الثانية
صفحات
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
الصفحة الأخيرة
الصفحة الثانية عشر
الصفحة الحادية عشر
الصفحة العاشرة
الصفحة التاسعة
الصفحة الثامنة
الصفحة السابعة
الصفحة السادسة
الصفحة الخامسة
الصفحة الرابعة
الصفحة الثالثة
صفحات
في الموضوع
الصفحة الأولى
الموضوع
في
المنتدى