نعم .. هو موروثنا التراثي الضارب بجذوره فى التاريخ .. ربما منذ الفراعنة ..
، و لا تستطيع خارطة مشاعرنا منه فكاكا ، موروثنا الذى لا يزال يتجلى فى صعيد مصر ..
نعم هو مجدى نجيب .. الذى طوع ( النسيم ) لشاعريته الفذة فى المقطع ( طار النسيم ) .. و ما النسيم هنا سوى حالة التجلى التى اعترت الحبيبة ،
لامسها النسيم ( اشراقة الروح ) بأنامله الحنونة ، احتواها فى حالة ونس و طمأنينة فى ليل ( ما عاد له دليل ) و فضاء ( ناعس ) ، تاركا ً إياها كعصفور صغير و حده فى غابة بأكملها ، فهى صورة ( كونية ) توحى بالوحدة و الوحشة ، و الافتقاد الى رفيق ( وَنـَس ..)
و الحبيب ( الرمز )هنا ، بمثابة حُضن الطمأنينة ، والملجأ من الوحدة و الافتقاد و الخوف ..
و تلك الأغنية العميقة ليست مجرد رجل و امرأة .. بقدر ما هى إنسانٌ ( ذات ) مقابل الوجود ..
الذات الضئيلة المستضعفة المتسائِلة .. مقابل تجليات كونية و قدرية غامضة و رائعة و طاغية فى آن .. وحده الحبيب ( الرمز ) أو الوَنـَس هو الذى يعيد صياغة رؤية الأشياء !
أما الجملة ( غاب القمر يا بن عمى يللا روحنى ) فهى جملة شعرية فلكلورية ضاربة فى عمق التراث ، كانت تغنيها جداتنا
فمجدى إمتحى تلك النفحة القديمة ، و شكل من إيحاءاتها تلك الأغنية التى لا تدرى أنت ولا عصفورطاير و لا أنا فى أى فضاء كانت تحلق ..
فقط نجتهد فى تفسير أبعاد هذا الفضاء ، و فقط نستمتع بهذا التحليق الغامض و نحيا على تجلياته ..
هذا عمل عبقرى شعرا و موسيقى و اداءا ً .. إنه الموجى يا سيدى ،
لامس أطراف هذا الفضاء .. فقط لامسه .. فأبدع ..
و مجدى نجيب جدير بالتأمل .. فهو ( حدوتة كبيرة ) ، حالة فنية خالصة ، حين يفرغ من الكتابة ، يرسم ..، نعم .. فهو فنان تشكيلى ، لا تقل تجلياته فى الرسم عن الإبداع الشعرى ..
هوَ هوَ مجدى نجيب .. منذ ديوانه الأول ( صهد الشتا ) مرورا بالوصايا ، و مقاطع من أغنية الرصاص ..
تأمله مثلا فى ( باعتب عليكى ) أصدق أغنية ( وطنية ) فى واقع مصر المعاصر ! .. لا طبل و لا زمر .. صدق ناضح من الكلمات ، و توصيف مذهل للحالة ( المصرية ) الراهنة ..
و أذكر له مقطع ، بمثابة إطلالة على خياله المتفرد :
عنقود كلام زى الجرس فوق الطريق
دندن بصوته البرتقانى للقمر
صهلل بروح مليون فرس
سواح بيلضم فى الغنا
طاير فى قلب الريح بيقطف م الندى
و يحش قلب الخوف و يرمى ع الجبين
ضِلي أنا
ضِلي اللى فارش مسطبة
و عيال بتنده للنسيم