فى ليلة مقمرة تحت هبّات النسيم العليل ؛ والذى يفاجئ أطراف الأشجار على فترات متقطعة،
فيحدث صوتا مرعبا يعطى الليل وحشته؛ وخلف دارها تجلس متأملة صورة النخيل المعكوسة
فى الماء الذى غطىّ فدّان الأرض الزراعيةالذى حملها صغيرة جداً ولعبا قبل بيعه لأحد
الجيران لتستطيع مواصلة مشوار علاج والدهامن مرض الصرع المزمن والذى عكرّ صفو
العزبة بأكملها؛ لكن هذا المشهد حّرك فىالوجدان ماكان ساكنا ليعيد نوبة الهواجس والمطاردة
الدفينة.... التى تعيشها وحيدة بعد وفات الوالدقفزا من الطابق العلوى لعيادة الطبيب المعالج هربا
من الممسكين به ،لإجراء الكشف عليه فمات فى الحال .
أعاد هذا الجو الكئيب لذاكرتها تلك الليلة المشؤمة ؛ حيث كانت فى السابعة من عمرها أولحبّات
عنقود الخلفة لخمسة أشقاء... ينامون مع الأمّ والأبّ فى غرفة واحدة حيث المنزل الذى لايحوى
غيرها من الغرف؛ فى معيشة ضيقة الحال وأجواء مليئة بالرعب لأطفال تعودت لياليهم علىذلك....
أمّ عصبيّة سليطة اللسان، وأب ّ مريض بالصرع يظن أنه أعقل أهل الأرض، ما أن يمسك بأحدأطفاله
عند أقل الآخطاء إلا ويترك به عاهة مستديمة، ولا تهدأ له ثورة غضب مع الأم فالمعارك مستمرّة....
فلا كلمة بغير ضنك ولا معاشرة بدون اغتصاب..!
حتى استمرأ ( لِما الهمزة ) الأطفال هذه الحاله ولا يطول إنتظارهم للنوم عقب فجيعة المعركة التى ايقظتهم جميعاً
من عزّ النوم... وكأنها الحدّوته التى تهيئأجسادهم النحيله للإستغراق فى النوم كل ّ ليلة( هُناك تكرار لكلمة نوم حاولى إجهاد قاموسكِ اللغوى لتفادى هذا التكرار الذى يجعل القلم يسهب فيما لا يمتع عين المُتلقى )
فى تلك الليلة أستيقظت على معركة غيرعاديّه الأب ثائر والأم لايسمع لها سوى التنفس المحبوس
الذى يدوّى بصوته الخافت أرجاء الغرفةالمظلمة تماما.....
أغمضت عيناها متصنّعة استغراقها فى النوم خشية بطش الأب فأغرقتها الدموع فى بحر النوم..،
لتستيقظ لحظة طلوع الشمس ،وقد أحاط البيت بعدد كبير من رجال القرية آتوالتشييع جنازة الأم .
وساعدها جهلها بأن لاتلقى بالا (إلا وليس بإلا ) بما رآته ليلا ، ومرّ الحدث عليها وكأن شيئاً لم يكن .
وأخذها لإستخدامها فى الآعمال اليوميّة الشاقه عند الجيران؛ لمساعدته فى إطعام إخوتها ومواصلة
علاجه حتى مات لتقوم بآداء رسالتها على أكمل وجه حتى تزوّجوا جميعا وظلت وحيدة( نفسما ذكرت تكرار كلمة حتى أيضاً )
تناست نفسها فمضى قطار العمر بها ،لتواجه وحدها تلك الهواجس والكوابيس التى تطاردها،
حيث تأتيها روح الأم تطالبها بالثار من الأب وهما فى العالم الأخر ولم تبوح بسرّها لأحد.

شمس الآصيل
الآستاذ القدير
((( سعد الشرقاوى )))
حرمة المصون الغالية
((( أم مدحت )))
تحية مكللة بالريحان والبيلسان والورد الجورى
القصة فى مُجملها تؤكد بأن هُناك وعى بآليات السّرد وهذا ما إلتمسته بين سطورها من دقه التصوير ورسم للآحداث كوسيلة سرد بدل الحكى التقريرى .. وليقينى بأن ليس هُناك عمل يخلو من الشوائب
فقد قمت بتنسيق النص وإضافة علامات الترقيم .. ووضعت الهمزات في مكانها.. فالعمل الآدبى يفقد الكثير من جماليته حين لاتكتب الهمزات هذا الذى سوف تلاحظه بين النص الآصلى وهذا المُقتبس أعلاه.
هُناك بعض الآدوات تحتاج إلى المزيد من التدريب إذا أقبلت على كتابة نص جديد وتفادى ما أشرت إليه باللون الآزرق فى النص المُقتبس وهو تكرار الآدوات اللغوية واللفظية ( حتى ، الذى ،حيث ، و ) إلى جانب تكثيف العمل بإختزال بعض المشاهد والمسكوت منه كذلك النحت الجديد للصور والآحداث التى تساهم فى تشكيل دراما تصاعدية للآحداث بعيداً عن الإسهاب الذى لا يضيف ،وكله سوف تكتسبة بالقراءة الكثيرة
لمن تحب من كتاب القصة إلى جانب كتب علم النفس ، ستفيدها كثيراً...ولا أعفى نفسى من ذلك فما زلت أتعلم وما زلت أقع فى الخطأ.
وقبل أن أختم مًداخلتى
هُناك الكثيرون من يفسروا النقد على إنه إنتقاد للشخص أو الكاتب نفسه دون العمل
وعلى الجانب الآخر يفسرونها على إنها إبراز للآخطاء فى النصوص وهذا بالطبع المفهوم والتفسير الخاطئ للكلمة ، ولكن المفهوم الحقيقى لها هوَ التقييم المتمثل فى الكشف عن مواطن الجمال ،وخفايا النص معانى وإيحاءات والتعرف على الكاتب ومدى قدرته على نقل أفكاره وأحاسيسه للقارئ هذا بالإضافه إلى كشف مواطن الضعف والعيوب فى العمل
كل هذا ينصب فى بوتقه واحده ليس هدفها التشهير أو الإنتقاص من حق الكاتب وقدراته
على العكس تماماً من الهدف المرجو مِنْ هذه العمليه وهى تأهيل الكاتب وتشجعية على الإستمرار
هذا لا ينفى إعجابى بالعمل ولغته الواقعية التى أعطته مذاق خاص ،
أرجو أن لايزعجك هذا التدخل فحرصى هوَ الذى دفعنى ليظهر العمل على آكمل وجه.
أجمل باقة ورد أهديها للغالية ( أم مدحت )
وأطيب التحايا العطرة ( لأبُ مدحت )