رد: ام كلثوم الصوت الذي لا خليفة له(الياس سحاب)
الميزه الثانيه هي تحدي اوتار صوتها لقوانين الطبيعة في نمو الخلايه البشرية , فبينما تعرضت
اوتار صوت عظيم كصوت عبد الوهاب الى تغييرات جذرية , جعلت عبد الوهاب يتوقف عن الغناء
المتواصل , ويكتفي بتسجيلات محدودة مع الة العود , وبينما شاخ صوت ليلى مراد -مثلا- وهي
في الخمسين من عمرها , فتوقفت عمليا عن الغناء , فان التغييرات التي طرأت على صوت ام كلثوم
وأهمها انخفاض مساحة الطبفات المرتفعة في صوتها كانت اقل بكثير من التطور الطبيعي المفروض
, وحتى هذا التغيير الطفيف نسبيا , لم يطرأ على حنجرتها الا بعد ان تحاوزت الستين .
ميزة اخرى قد تكون الاولى واللأهم , وهي خبرة حنجرة ام كلثوم غير العاديه في أصول الغناء
العربي المرتكز في اساسه الى ترتيل القرآن والتواشيح الدينيه , وهذه لها ميزات محدده مهمه
جدا منها المعرفه الواسعه بكل المقامات العربيه المحشوه بأرباع الصوت كالسيكا والبياتي والراست
والصبا , هذه المعرفه التي سمحت لام كلثوم ليس فقط بالاداء العظيم لهذه المقامات , بل ببراعة
التنقل بينها بسهوله , والتي سمحت لها ايضا باتقان غريب لكل براعات النمنمه الغنائيه والفسيفساء
الصوتيه وتلوين المنعطفات الصوتيه, بما في ذلك القفلات البارعة الدقيقه التي تضرب في قلب
المقام الذي تقفل به الجمله الغنائيه .
وحتى يعرف المستمع العادي مدى البراعه التي توافرت لأم كلثوم في هذه المجالات كلها ,
فما عليه الا ان يعقد مقارنة سمعيه دقيقة بينها وبين اي صوت اخر(خاصة الاصوات النسائيه)
في هذه التفاصيل الفنيه الدقيقة , ومن الغريب ان صاحبة هذا الصوت الذي توافرت له كل امكانات
التحكم في الاسلوب الشرقي للغناء تحكما غير عادي , قدمت في فترة معينه من حياتها , وبالذات
مع محمد القصبجي في فلم نشيد الامل (وفي نفس فترة هذا الفيلم) لونا من الغناء الأقرب جدا
الى اللون الغربي الاوبرالي , مثل اغنية ((ياما ناديت من اسايا)) و ((يا مجد)) وغيرها ,
وهي الاغنيات التي حاول فيها القصبجي التوزيع الاوركسترالي الهرموني , ثم توقفت التجربه
بعد ان قطعت فيها ام كلثوم شوطا اثبتت خلاله قدرتها على آداء هذااللون من الغناء بتميز واقتدار
لا يقلان عن تميزها واقتدار في اللون العربي الصميم . (الياس سحاب)
|