الواشى بين الناس
(الواشى بين الناس)
صنبور واحد للمياه, يلتفّ حوله النسوة في القرية الصغيرة الكائنة في أعماق الريف,
يعبّئن منه سقايتهن ويعتبرنه مجمعا للصحبة ,
يلتقين عنده فيكون شاهدا على أسرارهن.
وما أدركت( كوثر) وهي تبوح لحاملة أسرارها بما عانته في ليلتها المنصرمة من آلام (الخرّاج) المعبّإ بالصّديد مجاورا لموضع العفاف منها
أنّ هذا الواشى يسمع من خلال نافذة غرفته المطلة على المكان كل مايدور بين (كوثر) وصاحبتها
ليذهب مع زوجها وبعض رجال العمالة إلى الحقل ,
وفى جوّ يسوده المرح يتبارون بالفؤوس في عزق الأرض, فتحدث مشادّة كلاميّة بينه وبين زوجها.
لم يتريّث لحظة في قوله (بدل ما تتشطّر عليّه روح عالج الخرّاج اللّي فى مراتك)
وهنا يصمت زوج (كوثر) برهة ثمّ يطلق أفكاره تحلـّق في دهشة.
فهذا مكان لايعرفه غيره ولا يطـّلع عليه أحد سواه ,
فكيف وصل هذا الواشى إلى معرفته ؟,
وسرعان ما تحولت الحيرة إلى غيرة ومنها إلى الشك ليغادر الحقل إلى زوجته سبا ولعنا وضربا وطلاقا
تنتقل (كوثر) إلى بيت إخوتها لتنقل لهم الصّورة الكئيبة لطلاقها دون مبرر
ليتوعّدوه مرابطين له فى طريق عودته من الحقل فينهالوا عليه ضربا حتى رأوا أنّه على مقربة من الهلاك
تنقسم القرية بأكملها إلى مؤيد ومعارض, وضارب ومضروب حتىّ من أراد منهم تبريرا لايسمن ولا يغنى من جوع يقول (معتوه قال كلمة لايلقى لها بالا .. لايدرى العواقب .....)
التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 22/08/2009 الساعة 20h36
|