أقول : ( إستوجعتُ ) بكلماتك ، و هو عندي أفضل من ( استمتعت ) .. أتعرف لماذا ..
لأنك ضغطتَ على نقاطٍ مِفصلية ، يكمن في جوهرها سر إوجاعنا
و لبُّ مشاكلنا
قلتَ : يجب أن يكون هناك هدف ..
تذكر يا سيدي الهدف الأسمى الذي كانت تلتف حوله الشعوب العربية ، و هو تحرير الأرض المحتلة بالقوة ( ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ) ، كان هدفاً استراتيجياً حظي بإيمان الجماهير
.. ثم جئنا إلى عصر ( اختراع ) الهدف ، لملء فراغ ما أسميته
أنت في مداخلة سابقة ( ضياع معالم الطريق ) ، فاخترعوا لنا في مصر مشروع ( توشكى ) ، وحشدوا له كتائب و فرقاً مدرعة من
الإعلاميين و الفنانين و نجوم المجتمع !
سؤالي : ما الهدف الجدير بأن نلتف حوله الآن ؟!
قلتَ : تحور المجتمع المصري و ليس تطور ..
حقاً يا سيدي الفاضل .. إنه تحورٌ أصاب البنية الإجتماعية في الصميم .. و تلاشت فيه الطبقة الوسطى التي تفرز الأفكار و المفاهيم ، و تقود عجلة الوعى إلى أمام ..
إنطمست الطبقة الوسطى ( صانعة التغيير ) ، و طفا على سطح
المجتمع عُصبة من الرأسماليين ، حصدوا أموالهم بالفساد و الصفقات ( المُسَيَّسة ) ، و تم ( أقصَدَة ) السياسة بامتياز !!
سؤالي : هل من بارقة أمل في إعادة ترميم الطبقة الوسطى ، و التي تلهث على مدار الساعة ، من أجل توفير الخبز و الحليب !!
قلتَ : تخبطنا في هويتنا الإقتصادية ..
نِعمَ التشخيص .. و لكن في هذه النقطة بالذات ، و هي تخص دراستي ، أعتقد يا سيدي ( و المثال مع الفارق ) ، أن الآلية التي تحكم العلاقات الإقتصادية ، و مفاهيم السوق و أنماط الإنتاج ، و المؤسسات المالية ، و الهاى تِك ، إلخ .. أصبحت عالمياً ، خاضعة لمفهوم السوق المفتوح ، و الذي يحكمه في نهاية الأمر
( الرأسمالية ) ، و هو مصطلحٌ تراجعَ لصالح مصطلحات أخرى
كالإقتصاد الحُر ، أو النمط الإنتاجي للشركات عابرة القارات ..إلخ
فالخصوصية الإقتصادية هنا ، لا محل لها في ظل ( العولمة ) ،
و شخصية الدولة الإقتصادية ، تتماهى بالضرورة مع هذا النظام العالمي السائد ، و الذي تحكمه في نهاية الأمر ( إمبريالية )
إقتصادية ، تكون بمثابة ( تتمة ) للإمبريالية التقليدية ..
السؤال : أليس من المستحيل في ظل الإقتصاد المتعولم ، استنباط مفاهيم اقتصادية تناسب أوضاعنا الإجتماعية ؟!
قلتَ : تاريخنا المزور ..
لأن القائم عليه ، إما من ذيول السلطة ، أو متحزب لجماعة ، أو جاهل !!
الأمثلة كثيرة ، و أحدهم ألف أكثر من 20 كتاباً ، و كان يعمل ( كمساري ) مع احترامي للمهنة ، و كان جُلُّ همه ، تجميل أقبح مرحلة في تاريخ مصر المعاصر !
لقد تعلمنا ( الحياد و الموضوعية ) في كتب التاريخ القديمة للقرطبي و ابن تيمية و ابن خلدون ، وصولاً لعبد الرحمن الجبرتي ثم الرافعي و محمود شاكر ..
و قد وصل بنا الحال الآن إلى ( هيكل ) !
سؤالي : ما العمل ؟!