نعم يا فيولين .. احساسك صحيح .. فالسيرينادا التى يبثها التروبادور
من أعماق قلبه هى بالضرورة حزينة سواء كانت فى شكل أغنية
أو مقطوعة موسيقية ، أو حتى شعرا .. لأنه يشكو حرمانه من
التواصل و الوصال مع محبوبته ، و افتقاده اليها ..
فهى ( فوق ) فى شرفتها أو خلف شباكها ..
و هو ( تحت ) يرنو اليها فى عليائها حزينا ضنينا متألما مكلوما
باكيا شاكيا !!
و باعتبارى ( تروبادورى ) النزعة ، فان الأغنيات التى تستهوينى
و تملك وجدانى ، هى أغان تروبادورية بحته ..
فالوقت ( ليلا )
و المكان ( شرفة أو نافذة الحبيبة )
و الحالة النفسية ( افتقاد شديد و حزن عميق و وحدة موحشة )
و لنتأمل تلك الأغنيات التى اعتبرها ( سيرينادا ) غير مقصودة ..
و لكنها محفورة فى ذاكرتى و تسرى فى دمى .. منها مثلا :
مريت على بيت الحبايب ، و التى أعتقد أنها أفضل نموذج غنائى
للسيرينادا قدمه الموسيقى العظيم محمد عبد الوهاب .. ومن كلماتها :
( قلت يمكن اللى هاجرنى .. يكون وقوفى على غير مراده .. مشيت أنوح و الليل ساحرنى
بقلب باكى .. صاين وداده .... مين فى حبه يرضى بنصيبى .. مين فى حبه يحمل شقايا ..
شدو قلبى سامعه حبيبى .. واشتكى له ينكر هوايا .................................................. ...)
كما تعد رائعته ( فى الليل لما خلى ) التى كتبها أمير الشعراء
أحمد شوقى سيرينادا كثيفة التعبير و شديدة الوقع ..
و أذكر لفايزة أحمد أغنية متألقة من الصنف ( السيرينادى ) كتبها
عبد الرحمن الأبنودى وهى ( بالى معاك بالى .. يا بو الهوى العالى
يا لسمر ... ) و فيها كلمات تهز الوجدان فى صورة شديدة الشعرية
والفرادة : ( الضى لو سلم .. أنا كنت أتعلم .. أطلع لك أتكلم .. لو حتى
حاتألم .. و ارجع و قلبى متكسر !! ) و الأمثلة كثيرة للأغنية
التروبادورية فى تراثنا الغنائى ..
بقى أن أقول أن ( فيردى ) الموسيقار الشامخ الذى ألف أوبرا عايدة
له أوبرا شهيرة اسمها ( تروبادور ) .. أدعوكم لسماعها .. و لكن
أحذركم من السقوط فى الدوامة ( التروبادورية ) التى لا ينجو منها
كل صاحب حس جمالى .. فقد يواجه الغرق فى بحرها فلا يستغيث
......... من منا يستغيث من الجمال و النشوة و الحزن النبيل ؟!