سيّدي الوالد الجليل ،
 
 
 الدكتور أنس
الدكتور أنس
هل تتفق معي في ضرورة الربط بين قصة اليوم "بدون عنوان" و أخواتها السابقات : 
الجسر ، القطار ، الزمن ؟  
 
 
 
 
 
المشروع القصصي للقاص د. أنس البن ،
 
 
 
 
و ما استثنائي لروايتك " السيرة الشافعيّة " من سياق القول هنا ، إلاّ لاختلاف جنسها عن القصة القصيرة ،   
 
 
و ليس بخافٍ عن ضيوفك الأكرمين ، أن رواية تأريخيّة بما تشتمل عليه من توثيق ٍ للوقائع و إسهاب ٍ في السرد و غِنىً في الشخوص ِ و الأماكن ،   
 
 
يجعل الإجحاف أمراً حتمياً عِند المقاربة مع ما نحن بصدده الآن : مشروعك القصصي .
 
 
 
 
،
 
 
 
 
و ربما يُدهَشُ مُندَهِشٌ: مشروع قصصي ؟!! ، مُندَهِشاً !
 
 
 
 
لكن - ولأنك تعلم أنني في حل ٍ من المجاملة – أقول مشروع قصصي ، و من خلال أربع قصص ٍ فقط (..) 
 
 
لتوفرها على عناصر مشروع ذي ملامح ، من حيث الشكل و اللغة ، 
 
 
 
كما من حيث التناول - هَم القاص أو قضيّته – لا أقول المضمون ، و إلا انتفى عن ذلك المشروع ، أحد أهم عناصره : المواصلة (بالتنوّع ِ ، لا بالتكرار)
 
 
 
 
فـ بهلول في الجسر ، ليس مجذوب القطار ، لكنهما ومضتان من قِنديل ٍ واحِد  
 
 
و توقف الزمن في القصة التي تحمل نفس العنوان ، له بُعدٌ - في المعاني – يجعل عدم الربط بينه و بين سقوط الملامح في بدون عنوان ، من علامات غفلة المتابع لذلك المشروع القصصي .  
 
 
 
،
 
 
 
 
كأننا نقرأ لذلك الكاتِب الذي لم تطمس السنون طِفلـَه ُ ، 
 
 
حيث الطفل الماكِث بأعماقنا يبقي قدرتنا على التوازن بين عالم الروح ، رحيب الفضاءات من جهة ،
 
 
و عالمنا الذي نحياه بمحدوديّته ، من جهة .
 
 
 
،
 
 
 
 
و على قدر محليّة المكان في القصَص الأربع ، و ما يبدو من هموم ٍ بسيطة لشخوصها ، إلاّ أن أحداثها تحتمل ما بقدر القارئ من تأويلات ، حد الوصول إلى المعاني الكونيّة (..)
 
 
.
 
 
 
منذ يومين ، دار حديثٌ عابر بيني و بين أحد المعارف الكنديين ، و أدهشتني ثقته المُفرطة في حتميّة وقوع نبوءته !
 
 
بماذا يتنبأ؟ !
 
 
 
بأن الجيل البشري المُعاصِر ( اللي هو احنا) سيشهد إنتكاسة الحضارة و ارتدادها إلى ما قبل ثورة التكنولوجيا (!!)
 
 
 
قال ، بيقين دامغ ، سوف نصحو ذات يوم ٍ - قريبٍ جداً – و قد تعطلت كل وسائل العلم الحديث !
 
 
 
 
 
و انا متأكد ، يا دكتور أنس ، إنه لم يقرأ قصتك "بدون عنوان" !
 ، إنه لم يقرأ قصتك "بدون عنوان" !  
 
 
لكنه يشاركك نفس القلق ، و إن كان من بُعدٍ آخر ، إلا أنه لنفس الجهة .
 
 
 
،
 
 
 
 
نرجع لمشروعنا ،
 
 
 
أشعر و أنا أقرأ لك ، يا دكتور أنس ، بانعدام المسافة بينك و بين ما تكتب ، كأنك تكتبك ......
 ، بانعدام المسافة بينك و بين ما تكتب ، كأنك تكتبك ......  
 
 
 
سلاسة الإسهابِ في الإيجاز ، و بساطة البلاغة ، و القدرة – الغير مُبتذلة – على قراءة البواطن .... من ناحيّة ،
 
 
 
 
و من جهةٍ أخرى ، الزُهد في أن تـُوصَفَ : كاتباً أديبا . 
 
 
 
 
لا أقصد ذلك التواضع الأنيق الذي تـُحلـِّيه بحضورك الآسِر ، و إنما قصدت بزهدك في الألقاب الأدبيّة ، عدم انشغالك - أثناء الكتابة – بشروط الصنعة (بمعناها الأكاديمي) ، 
 
 
 
 
فنراك تستبدل "البداية" بـ "العُقدة" ، تارة ً ، و تؤجل "الحل" ، تارة ً أخرى .
 
 
 
 
و لولا خشية التكرار ، لذكـَّرتك بما كنا قلناه في "مشروع مقال عن جدلية الإبداع" ، فيما يتعلق بأداء سائق السيارة عند الإختبار ، و أداءه على الطريق 
 
 
(بعد حصوله على رخصة القيادة) !
 
 
 
،
 
 
 
 
الشروط التي وضعها النقاد الغربيون ، لهذا الدرب من الأدب : القصّة القصيرة ، كانت في ظاهرها طيّبة (محض مصفاه لفصل المبدعين الحقيقيين من كتاب القصة ، عن الأدعياء ) ، 
 
 
 
 
بينما دافعهم إغفال الدور المشرقي ( العرب و الهند و بلاد فارس) في التكريس ، التاريخي ، لاكتمال "أدب القـَصَص" كجنس مُستقل ، يُطِلُ برأسِهِ من كتب التراث الأدبي المشرقي ،
 
 
 
 
فلا تكاد تجد كتاباً ، إلا و فيه أقصوصة أو مقامة أو "حكاية"
 
 
 
،
 
 
 
 
ألا ترى أن "العولمة" في جانبٍ من معانيها ، أن تصبح الدنيا قرية .... غربيّة ؟! ، 
 
 
 
فيكون دوّار العمدة القرية : البيت الأبيض ، 
 
 
و شيخ الغفر : بريطانيا .
 
 
 
 
(إيه الحكاية ؟! ، إمبارح نتكلم في التصوف ؟ و النهاردة في السياسة ؟ ...... خلاص يا دكتور أنس ، نتقابل هناااااك مع عمي يحيى زكي) 
		 
		
		
		
		
		
		
			
				__________________
				أستغفِرُ الله العظيم وهو التوّاب الرحيم