|
 |

24/07/2009, 19h13
|
 |
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
|
|
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
|
|
|
القطار .................
القطار
الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.
ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار
لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...
إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه
"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"
لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى
أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"
حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء
على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"
كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....
تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"
تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها
|

24/07/2009, 22h06
|
مواطن من سماعي
رقم العضوية:416240
|
|
تاريخ التسجيل: April 2009
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 209
|
|
|
رد: القطار .................
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د أنس البن
القطار
الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.
ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار
لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...
إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه
"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"
لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى
أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"
حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء
على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"
كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....
تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"
تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......
|
القطار......
هى الحياة برؤية فيلسوف اديب ؛ يختلط فيها الواقع بالخيال ؛ اشخاص من لحم و دم يتحكم فيهم القانون الجديد (المنفعة المتبادلة او لا شئ) وخيال اشخاص من الماضى ينطقون بالحكمة نراهم نعم ؛ ولكن لا تلمسهم الايدى ؛ ربما استحالوا كائنات غريبة عنا لفرط الاختلاف ؛ والخوف من عدوى انسانية اليوم...وسائق القطار ذو الملامح الجامدة المخيفة ؛ اراه ممثلا لمن يقود قاطرة البشر ؛ معزول فى عربة القيادة ؛ وكانه عار عليه ان يجيبنا الى اين ياخذنا ؛ وينكر علينا حق المعرفة ؛ بوتقة عجيبة ؛ جمعت و اختصرت نماذجنا فى الحياة ؛ تدعونا ان ننظر بصدق فى المراة من اى الاصناف نحن؟؟؟ ((لا عليك ؛ اجلس ؛ وبعد ان يتحرك القطار ؛ ستعرف كل شئ )) سؤال يدعونا للتامل انحن مسيرون ام مخيرون سنعرف حين نجرب ؛ بعد ان نوضع فى التجربة ؛ كلنا يسيرنحو مصير حتمى يفسره كل حسب اعتقادة ؛ وثقافته ؛ وضعنا اديبنا هنا امام قضية الجبر و الاختيار ؛ او ربما اراد ان يقول لنا ان محطات الحياة ستعلمنا كل شئ
نعم قد نعلم ولكن بعد ان ياخذنا القطار بعيدا بعيدا
سيدى الاديب الذى يذهب بنا الى عالم ؛ قد نعرفه جيدا ؛ لكننا لا نقف لحظات كى نرى ابعاد اخرى تستحق الرؤية ؛
باسلوب سلس تقودنا الى عالمنا الذى لا نريد ان نعرفه خوفا من ان نتكشف موضع الخجل فينا ؛ ببساطة اديب متمكن ؛ وروح صوفى متبحر ؛ ارى قصتك القصيرة (البعيدة المدى) محطة نستريح فيها من اعباء لا تستحق التعب ؛ وقد تكلفنا كثيرا ؛ جميعنا ركاب هذا القطار ؛ وحتما يوما سنغادرة ؛ ولكن هل نكون كطيف شيخك الذى يعلم كل شئ ؛ ام هل ستزيدنا الحياة جهلا وقتامة؟؟؟؟
شكرا لك د انس ؛ تعلمنا منك الكثير ؛ لكنك تبطئ علينا فى عالم القصة القصيرة ؛ تلك التى تجيدها نفس اجادتك للتنفس
فلا تبخل علينا من هذا الابداع الاصيل ؛ و الراقى ؛ كى تتملكنا الدهشة الدائمة   
التعديل الأخير تم بواسطة : علاء قدرى بتاريخ 24/07/2009 الساعة 22h18
|

24/07/2009, 23h08
|
 |
مواطن من سماعي
رقم العضوية:102176
|
|
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: كندا - تورونتو
المشاركات: 1,212
|
|
|
رد: القطار .................
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د أنس البن
القطار
الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.
ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار
لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...
إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه
"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"
لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى
أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"
حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء
على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"
كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....
تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"
تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......
|
سيدي الوالد الأديب
الدكتور أنس
يصبح كلامي نوافِلاً بعد مرور أستاذي علاء قدري
لكن ، لتسمحا لي أن أعبر عن إحساسٍ بلغني عند ركوبي القطار
القطار و المحطة ، مؤهلان بجدارة لأن يكونا مسرحاً لتلك الملهاة العجيبة : حياتنا الدنيا
منحتَ سائِق القطار ذلك الوجهي الخشبي ، تكريساً لتحييده . حيث أن سائق قطارنا - في الحقيقة - مُساقٌ مثلنا ، فخط السير قد رُسِمَ منذ الأزل ، و لا خيرة لنا حتى في اختيار المحطات - لا صعوداً و لا هبوطاً - حالنا حال السائق ، بل و القطار نفسه !
ثم أنك لم تمنح الإستقرار المادي إلا للمجذوب - موصل الإشارات (..) - و جارك بالقطار : الشيخ القارئ للكتاب ..
بينما بجوٍ يتماس مع الحلم أو الكابوس ، جعلت الحكمة (الشيخ الهابط إلى محطته) و القوة (الجندي) ، و هما (الحكمة و القوة) كفتا العدل بكل زمان ، جعلتهما كما نرى : غائمان باهتان ...
* * *
فمن منا يعلم : هو رايح فين ؟
ذلك السؤال القديم الجديد ، أعدته علينا يا دكتور أنس ، في وقتٍ كدنا نفقد فيه قدرتنا على التساؤل
و مع أستاذي علاء قدري أستحلفك ألا تجرب فينا ما ليس من شيمك : البُخل
فلا تبخل علينا بما في الأدراج ( مش لايق عليك البُخل ، يا سيدنا)
__________________
أستغفِرُ الله العظيم وهو التوّاب الرحيم
|

25/07/2009, 07h41
|
 |
طاقم الإشراف
رقم العضوية:141665
|
|
تاريخ التسجيل: January 2008
الجنسية: مصري
الإقامة: الاسكندرية
العمر: 51
المشاركات: 1,483
|
|
|
رد: القطار .................
القصة تحوي أفكارا عديدة وليست فكرة وحيدة مثل فكرة الجبر والإختيار التي أشار إليها الأستاذ علاء قدري وفكرة غياب الحكمة والقوة التي أشار إليها الأستاذ سيد أبو زهدة كذلك علمتنا غياهب الحياة أن نتدبر جل ما يتلفظ به مجاذيب زماننا فربما نجد فيه الحكمة البالغة حتى أنه لم يدرك وصول القطار أحد ولم نعرف بوصوله إلا بإشارة المجذوب وكأنه الحادي والدليل.
لم يكن جمال الأفكار أقل جمالا من أسلوب السرد وبساطته وحرفيته فلا تحرمنا من فيض أبداعك يا أنس الوجود
أبدعت وأحسنت يا دكتور
قول لي بقى
أفتح لك بيبسي ولا تيم؟
__________________
لا تُلْقُوا باللؤلُؤ إلى الخنزير, فـإنّـــه لا يصْنـــع بـه شيئـاً
ولا تُعْطُوا الحِكْمةَ مَن لا يُريدها
فإن الحكمةَ أفضلُ من اللؤلؤ, ومن لا يرِيدها أشَرُ من الخنزير
التعديل الأخير تم بواسطة : Islam Eidrisha بتاريخ 25/07/2009 الساعة 11h07
|

25/07/2009, 08h07
|
 |
مواطن من سماعي
رقم العضوية:260181
|
|
تاريخ التسجيل: July 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 1,294
|
|
|
رد: القطار .................
يا سيدى الدكتور ... قلمك مشرط ... و حروفك روشتة شافية
هى الدنيا يا دكتور .... هى الحياة .... رحلة و خطى كتبت علينا و لكننا نختار من نسأل و من نأنس له و متى نركب لكن لا نختار متى ننزل و كيف
هذا الجو المفعم بالدهشة و التفكير و الإعجاب الذى أثرته فيه غنىً و فيه ثراء نفسى و وجدانى و فلسفى قد أغنانى عمالقة الفهم و التواصل عن الإشارة إليه و لكنى أعيشه
قرأتها ثلاث مرات .... و يقيناً سأعود لهذا العالم الفريد الذى تجيده بإقتدار
لا أسغرب ما تشعه من ضوء فأنت منارة بذاتها و لكنى مبهور و منتشٍ من الإعجاب
أؤيد من سبقنى بالرجاء بعدم الشح بمثل هذه الدرر
إفتحى الهويس يا فؤاده ... قصدى يا مدام ناهد!!!
__________________
دى فضفضة من قلم رغم الألم ... حسَّاس
مهموم بِهَمْ الناس
يمكن تضيئ كلمته ... العقل جوة الراس
|

25/07/2009, 10h45
|
 |
رحمها الله رحمة واسعة
رقم العضوية:61292
|
|
تاريخ التسجيل: August 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 765
|
|
|
رد: القطار .................
بسم الله الرحمن الرحيم
الشاعر طارق العمرى
والله وقبل أن أصل الى افتحى الهويس يا فؤاده
كنت مقرره فى عقلى أن أرد عليك
لأشكرك على كلماتك لحبيبنا جميعا الدكتور أنس
وقولى كنت بتصيف فين فى العين السخنه
المهم مرحبا بك
تحياتى
|

25/07/2009, 12h10
|
 |
مواطن من سماعي
رقم العضوية:260181
|
|
تاريخ التسجيل: July 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 59
المشاركات: 1,294
|
|
|
رد: القطار .................
و الله يا سيدتى الكريمة منذ دخلت لهذا المنتدى و حرصى الدائم ألا يكون محل المجاملة هاهنا نهائياً (المجاملات عندى محلها الخاص و فقط)
أما هنا فما أشعر به بصدق أكتبه، و هذا الرجل قيمة كبيرة بلا شك و لا زيف، و الأدل على هذا أنه بلا ضجيج و لا صخب حيث انه مبدع حقيقى لا يشغله مديح أو طنطنه و هى سمة الكبار على شاكلة جمال حمدان و أحمد مستجير و كبار النابهين بهذا الوطن
شكراً لسئوالك و كنت فى (سيدى كرير) معشوقتى السكندرية الساحلية الشمالية العسكرية
__________________
دى فضفضة من قلم رغم الألم ... حسَّاس
مهموم بِهَمْ الناس
يمكن تضيئ كلمته ... العقل جوة الراس
|

25/07/2009, 22h01
|
 |
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
|
|
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
|
|
|
رد: القطار .................
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها
التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 26/07/2009 الساعة 03h07
|

26/07/2009, 03h57
|
 |
مواطن من سماعي
رقم العضوية:229310
|
|
تاريخ التسجيل: May 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: ممر الضوء إلى الشتات
المشاركات: 209
|
|
|
رد: القطار .................
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د أنس البن
القطار
الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.
ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار
لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...
إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه
"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"
لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى
أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"
حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء
على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"
كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....
تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"
تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......
|

اللـــــه على الأفكار وعلى هكذا إبداع
الأديب والمُفكر الراقى
((( د .أنس البن )))
صباح الخير والخيرات
إنه قطـــار العمر يا سيدى
حيث لا يمكن للعمر لحظة رجوع إلى الوراء مثل
القطار هكذا كانت نهايتها ..
والسنوات التى عاشها هذا الرجل وكأنه تائه
يستجدى عبر أمواج البشر
يستفسر عند كل محطة ؛ ليصادف فى رحلة بحثة ذكرى
تستوقفه يرى من خلالها شبابة فى هذا الجندى ووقاره
فى هذا
الشيخ وعقله فيماً كان يجلس بجواره وضميره وعمله فى هذا السائق
لا أعلم لِما جال فى ذهنى للتو هذه الحِكمة التى قالها
الفضيل بن عياض لرجل حين كان يسأله
كم أتى عليك ؟ قال : ستون سنة قال له : أنت
مُنذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل
قد جاءت ومضة النهاية فى النص مفتوحة الرؤى لكل
من يُلامس حروفها
والتى ستعطى مساحة للمُتلقى لإستخراج فكرتها كلٍ منا
على حسب ثقافته وعقيدته
أحييك وأشد على قلمِكَ ليتحفنا بدره أخرى من دررك
أيها الراقى البديع
دمت ودام قلمِكَ يشار إليه بالبنان ..
إحترامى وتقديرى
(( ))

|

26/07/2009, 10h06
|
 |
مواطن من سماعي
رقم العضوية:443552
|
|
تاريخ التسجيل: July 2009
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 240
|
|
|
رد: القطار .................
والدى الكريم/ألدكتور أنس
صنعت لنا وليمة دسمة قدّمت فيها أشهى أنواع ألمأكولات
ثمّ أتحت الفرصة لكل متذوّق أن يدلى بدلوه فاكتملت ألمائدة
يا لجمال الحضور وكرم الاستقبال وكثرة الكرى ورائحة
(البوهارات) عفوا مدام /ناهد فبيت الألآتى لم يأت بعد
اسمح لى والدى الدكتور أن أقدّم التحيّة والثناء لكل اضافة
على اختلاف جوانبها وجمال طعمها لكل آكل
بدءا بالاستاذ/علاء قدرى ومرورا بالافاضل /سيد أبو زهدة
واسلام ,وطارق العمرى ورغد هانم اليمينى ,وكل من أبدع
فى الحفل
وحيث لا أقوى على المشاركة فأنا (آكل على جوعه)
لأنال من طعم كلّ الأوانى متمتعة بالجو الأسرى الجميل
فى ضيافة الكرام أقدم خالص تقديرى لعمل يظل بفكرته
عالقا بالوجدان جزاكم الله كل خير
التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 26/07/2009 الساعة 14h45
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
|
|
تعليمات المشاركة
|
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts
كود HTML معطلة
|
|
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 02h42.
|
|