.....................................
.....................................
.....................................
الهادي آدم - محمد عبد الوهاب
(1)
فى الحقيقة .. قبل أن أبدأ فى تحليل القصيدة نغمياً ومقامياً .. لابد أن أذكر أن هذه ثانى قصيدة عاطفية يلحنها عبد الوهاب لأم كلثوم .. وسنلاحظ الفارق الكبير فى أسلوب تلحين القصيدتان .. فبعد الهجوم والنقد الذى صادف القصيدة الأولى ( هذه ليلتى ) .. حاول عبد الوهاب أن يتجنب كل ماوقع فيه من أخطاء ( حسب وجهة نظر النقاد ) .. وقدم لنا لحناً جيداً .. وإن كان ليس بمستوى ألحان السنباطى ( متخصص قصائد أم كلثوم ) ..
هنالك شئ أخر أحب أن أنوه إليه ..
نلاحظ فى هذه القصيدة كثرة الردود الموسيقية بين المقاطع ، لدرجة أن أم كلثوم كانت تؤدى جملة واحدة أو كلمة يعقبها رد من الفرقة الموسيقية .. وهذا يُحسب لعبد الوهاب حيث أنه راعى السن المتقدم لأم كلثوم .. وعدم إستطاعتها غناء الشطرات الطويلة دون راحة ..
إستعمل عبد الوهاب مقام العجم ( الميجور ) ليبدأ به لحنه .. وقدم مقدمة موسيقية طويلة .. حيث قامت أكثر من آلة موسيقية بالعزف المنفرد ( صولو ) .. وتنقل عبد الوهاب ( كعادته ) بين المقامات بطريقة سلسة ومتميزة فى نفس الوقت ، كما إستعمل إيقاع الرومبا لبداية اللازمة الموسيقية .. ولم يكتفى بالرومبا على أى حال .. فإستخدم المقسوم والواحدة الكبيرة .. وقدم لنا وجبة دسمة .. إستعرض فيها عضلاته الموسيقية ..
وتبدأ أم كلثوم الغناء فى مقاطع قصيرة من نفس مقام العجم .. ولكنها تذهب للحجاز عند ( أه كم أخشى غدى هذا ) .. وتذهب أيضاً للكرد ثم تعود للعجم مرة أخرى لتنهى المذهب ..
كعادة عبد الوهاب .. لا يستقر على مقام .. رايح جاى .. رايح جاى .. يلمس هذا المقام .. ويعود من طريق أخر .. زيارات قصيرة ومتلاحقة للمقامات .. وهكذا .. لايترك لنا فرصة لإلتقاط الأنفاس .. عندما تحاول أن تعرف المقام الذى إستقر عليه .. تجده ذهب لمقام أخر .. وجملة لحنية أخرى .. الرد الموسيقى لا يتكرر مرتان .. لديه حصيلة من الجمل اللحنية لا تنتهى ..
تبدأ الفرقة فى أداء اللازمة الموسيقية قبل الدخول فى الكوبليه الأول
نفس الطريقة فى العمل .. صولوهات من مختلف الألآت .. ترد عليها الفرقة .. ( جيتار ، أكورديون ، ناى ، قانون ، كمان ) .. أعطى لكل عازف الفرصة ليبدع ويُظهر مقدرته .. هذه اللازمة من مقام الصبا .. وبالتحديد .. من الدرجة الثالثة لمقام العجم .. وتغنى أم كلثوم هذا الكوبليه من نفس المقام ( الصبا ) ..ولكن هل تستقر على الصبا فقط .. هيهات .. وكلا وألف كلا ..
تذهب للبياتى عند ( كم أناديك ) .. وتعود للصبا مرة أخرى .. حتى ( فأت أو لا تأتى ) .. حيث تعود للعجم حتى تنهى الكوبليه .. وبين هذا وذاك .. لابد من عُربة هنا .. ولمسة هناك .. مع تغييرات فى الإيقاع .. لامجال هنا للملل .. تتابع لحنى ونغمى لا يترك لك فرصة للسلطنة .. حيث أن هذا اللحن عملية إستعراض كما ذكرنا ..
نأتى الأن للكوبليه الأخير ..
حيث إستعرض عبد الوهاب فى هذا الكوبليه كل إمكانياتة .. ونسمع هنا الصولو الشهير الذى قام بعزفه ( الجيتار ) .. ونسمع لأول مرة ( العود ) فى محاورة مع الوتريات .. بصراحة ياجماعة .. هذه اللازمة الموسيقية ينبغى تدريسها فى المعاهد الموسيقية ..