انتقل الى رحمة الله القاص العراقي محمود عبد الوهاب الذي وافته المنية في مدينته البصرة عصر يوم الاربعاء 7/12/2011، عن 82 عاما، بعد تعرضه الى أزمة صحية دخل على اثرها مستشفى البصرة التعليمي. والراحل من الرموز العراقية الابداعية المميزة في كتابة القصة . وهو من مواليد بغداد 1929، أكمل دراسته فيها وتخرج بتفوق في مطلع الخمسينات من جامعة بغداد / كلية الآداب ، وعين مديرا لإحدى المدارس في البصرة . في الستينات جابه ظروف صعبة حيث فصل من وظيفته, وتعرض للسجن, واضطر للعمل كقاطع تذاكر ثم مديرا لسينما الكرنك في البصرة. سافر الى جامعة عين شمس في جمهورية مصر لدراسة الدكتوارة لكنه لم يكمل بسبب وضعه الاقتصادي . يعد من رواد القصة العراقية القصيرة مع مهدي عيسى الصقر وعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي مارس الكتابة في مجال القصة والرواية والنقد، قرابة ستين عاما، وترأس اتحاد أدباء البصرة لفترات، له عدد من الإصدارات منها ( رائحة الشتاء، رغوة السحاب، و ثريا النص، وسيرة بحجم الكف ). عاش سنواته اعزبا، وكان يقول: العزوبية لا تعني النفور من المرأة ، وقد جمعته في السبعينيات من القرن الماضي أمسية مع شابة بولونية في وارشو كان لها التأثير الكبير عليه , حيث دخلت في إحدى قصصه وتحس بوجودها في اعمال كثيرة . بدأ الكتابة عام 1951 بقصة (خاتم ذهب صغير)،التي هي نقطة انطلاقه في عالم الكتابة، غير ان النقاد يرون ان قصته (القطار الصاعد إلى بغداد) التي نُشرت في مجلة ( الآداب ) البيروتية عام 1954، تمثل انعطافة واضحة باتجاه التجديد في هذه المسيرة، كما يؤكد الناقد ناطق خلوصي الذي يوضح بالقول عنها (وبذلك يكون قد انضم إلى قصاصي الخمسينات الذين اعتمدوا المنحى التجديدي في القصة وفي المقدمة منهم عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي، وكان قد كتب هذه القصة عام 1952 وهي قصة واقعية بامتياز تعد جديدة وفق معايير زمن كتابتها ونشرها في الخمسينات ولا تعتبر كذلك وفق معايير العصر الحاضر)، ومن ثم نشر عبد الوهاب قصة (القطار الصاعد الى بغداد) عام 1954 وترجمت هذه القصة الى اللغة الانكليزية، وضمها، لاحقا، الى مجموعة (رائحة الشتاء). اصدر عام 2001 رواية تحمل عنوان ( رغوة السحاب)، وكتاب نقدي تحت عنوان (دراسات نقدية في الحوار القصصي) ولم يقتصر نشاطه على الكتابة واشتغل في الاخراج المسرحي فأخرج مسرحية ( أهل الكهف) لتوفيق الحكيم عام 1957،ومسرحية (عرس الدم) للشاعر الاسباني الشهير لوركا، ومسرحية ( سوء تفاهم) للفرنسي البير لكامو عام 1958، كما اشترك لاحقا مع الشاعر كاظم نعمة التميمي عام 1973 في تقديم برنامج تلفزيوني بعنوان (مسائل ثقافية) لصالح تلفزيون البصرة، كما مارس ترجمة القصة والرواية عن الانكليزية في الخمسينات فترجم (قطة في المطر) و (المخيم الهندي) و(العجوز على الجسر) لهمنغواي، و(هروب) و (سارق الحصان) لكادويل، و(سارق عربة الشحن) لألبيرتو مورافيا.
نسأل الله أن يرحمه ويدخله فسيح جناته وإنّا لله وإنا إليه راجعون