الحقيقة من زمان وانا محتار في تصنيف هذا العمل العبقري للأستاذ عبد الوهاب
اسمحوا لي أتكلم عنها النهاردة وتحديداً عن عبد الوهاب الملحن فيها وليس عبد الوهاب المطرب
فعبد الوهاب المطرب يكفيه فقط جملة ( فرقة الأحباب ) اللي قالها في هذه الأغنية ..
ولكن أنا عايز أتكلم عن عبد الوهاب الملحن المبدع والمفكر والرائد
باسمعها واطرب لها من زمان ،، بس ماكنتش عارف هي تطلع إيه بالظبط ؟؟
شكلها كده قصيدة فصحى ..
بس إزاي وفيها كلام كتير باللهجة العامية المصرية ؟؟
ومن حوالي أربع سنوات ومنذ اشتركت هنا في سماعي عرفت قصة هذا العمل الذي كتبه الشاعر الكبير بشارة الخوري والذي لقب بالأخطل الصغير ..
والحكاية كالتالي ،، وهي منقولة من مشاركة الأخ العزيز رؤوف المسيري في الموضوع الأصلي
قدّم الشاعر اللبناني بشارة عبد الله الخوري ( 1885 – 1968 ) الكثير من القصائد التي كتبها خصيصاً ليلحنها ويغنّيها محمد عبد الوهاب ، وذات يوم طلب عبد الوهاب من الأخطل الصغير أن يكتب له أغنية باللهجة العامية ، وهنا انفعل الشاعر وقال لعبد الوهاب بغضب : " يبدو بأنك تجاوزت حدودك معي أكثر من اللازم إذ تطلب مني أن أتنازل - وأنا بشارة الخوري - وأكتب لك باللهجة العامية ، لا تنس بأنه بإمكان أي ملحن أن يختار أي قصيدة من ديواني ويلحنها أو يغنيها ، ولكنه ليس من البساطة أن أكتب أنا خصيصاً لملحن أو مطرب بذاته كما أتعامل معك ، وربما هذا ما دفعك لهذا التجاوز غير المقبول "
وهدّأ عبد الوهاب من روع شاعره قائلاً : يا سيدي ، لقد تعرّفت طبقات الأدباء والمثقفين إلى شعرك العظيم ومكانتك العالية في الشعر الفصيح ، أليس من حق الطبقات الشعبية الأخرى أن تتعرّف وتتذوق وتنعم بشعر بشارة الخوري أيضاً ؟؟
أطرق الشاعر لحظة يتأمل حجّة عبد الوهاب المقنعة ، لكنه أجاب بعد لحظات بتحفّظ ظاهر :
اسمع يا صديقي ، سأقطع معك نصف المسافة فقط بهذا الشأن الجديد على مسيرتي الأدبية ، سأكتب لك أغنية ذات وجهين ، تُقرأ بالفصحى وتُغنّى بالعامية ، وإن سُئلتُ سأقول أنني كتبت لعبد الوهاب أغنية بالفصحى وغناها بالعامية !! فكانت :
يا وردُ مَن يشتريك ...... وللحبيب يهديك ..
وهنا أيها الأعزاء أسرد لحضراتكم كلمات الأغنية
وأرجو من حضراتكم .. أن تقرأوا الكلمات أثناء الاستماع للأغنية - وهي موجودة هنـــا لمن يريد تحميلها
حتى ترون مدى صعوبة الكلمات ، ومن ثم صعوبة تلحينها فتظهر عبقرية عبد الوهاب في كيفية تلحين هذه القصيدة وتحويلها إلى قصيدة عامية بالرغم من تأليفها كقصيدة فصحى
فهو لم يحول شطر عامي وترك شطر فصحى
بل أنه صعـّب الأمر أكثر .. فحول بعض الكلمات ( المحشورة ) داخل شطرات وأبيات من الفصحى إلى العاميــة .
إنها في حد ذاتها ريادة .. فلم يسبقه أو يضاهيه أو حتى يقلده أحد في ذلك .
يا ورد من يشتريك .. وللحبيب يهديك
يهدي إليه الأمل والهوى والقبل .. يا ورد
أبيض غار النهار منه .. خجــول محتار
باسه الندى ف خده وجارت عليه الأغصان
راح للنسيم واشتكى .. جرّح خدوده وبكى
أفدي الخدود التي .. تعبث في مهجتي
يا ورد ليه الخجل فيك يحلو الغزل .. يا ورد
يا ورد يا أحمر قول لي ده مين اللي جرحك
جرح شفايفك وخلى على شفايفك دمك
شقت جيوب الغزل وانبح صوت القبل
على الشفاه التي تشرب من مهجتي
يا ورد ليه الخجل فيك يحلو الغزل يا ورد
أصفر من السقم أم من فرقة الأحباب
يا ورد هون عليك
عاد بلبلك ولهان
يسأل عليك الربى والزهر والانهار
يهتف أين التي .. وهبتها مهجتي
يا ورد ليه الخجل فيك يحلو الغزل يا ورد
- لاحظوا الكلمات المكتوبة باللون الأزرق الغامق ، والأخرى بالأزرق الفاتح.
أتمنى لكم سماعاً طيباً .. مع أنغام الأستاذ عبد الوهاب وكلمات الأخطل الصغير والتي خرجت لعالم الموسيقى عام 1939
طبعا في انتظار تعليقات حضراتكم وتحليلاتكم ..
وحشتني تحليلاتك يا كبير الالاتية