الأستاذة رغد اليميني
طرقتِ باباً موصداً ، بحديثك عن ذلك العالم . و الكتاب الذي أشرتِ إليه ، و إسمه : شمس المعارف الكبرى ، لأحمد البوني ، مُصرحٌ بتداوله بمصر . و قد كتبه صاحبه ليغني به الطالب عمّا سواه ، كما يقول في المقدمة .
و الحقيقة أن به من الأعاجيب ما بهِ ، و قد استهوتني تلك النوعيّة من الكتب فقرأت منها العشرات قبل أن ينهاني شيخي عن ذلك . و هي تتكلم في جانبٍ منها عن الإتصال و التسخير و الإستحضار ، كما أشارت الست ناهد . و هذا ما يسمى بالعالم السفلي - لا العام الآخر- .
و لعل الفائدة الوحيدة من قراءة ذلك النوع كتب ، هو أن يترسخ لدى قارئها يقينٌ بأننا لا نعيش في هذه الدنيا وحدنا . حيث يوازينا عالـَمان : عالم الجن و عالم الملائكة ، كما يؤكد ذلك القرآن الكريم و الأحاديث النبويّة الشريفة و الكثير من الأحداث بالسيرة المطهرة.
حتى أن القارئ يستحي - بعد يقينه - من أهل العالمين ، كما يستحي من البشر .
و الريف المصري مليء بقصصٍ تخبرنا بأناسٍ طمعوا في العمل بما في تلك الكتب من أعمالٍ ، كتحويل الكاغدِ ذهباً ، و السيرِ بالخطوة ، و فتح المندل .... إلخ ،
فكانت مصائرهم بين العجز و الجنون و الموت المأساوي .حيث أن الخادم إذا حضر ، لا يشفق على مُستحضرهِ ، كما فعل في قصتك ، بل يأتي لتنفيذ أوامر يمليها عليه من أحضره ، فإن هابَ ، خابَ . و إلا فعليه صرفه .
فالخيرُ ما اخترتيه لبطل القصة ،
و العجيب أن تلك الكتب تباع علناً ، بينما العمل بها ممنوع (!!) ، و مع الفارق ، فهو تصرف حكومي يذكرني بمسألة الخمر الذي يباع للمقبوض عليهم بتهمة السُكر.
و الأعجب من ذلك وجود معاهد مُشهَرة في بعض العواصم العربيّة ، تحت مسميّات علوم الفلك ، و هي تدرّس هذه الكتب بشكل ممنهج شبه أكاديمي .
حيث أن التمكن من تلك العلوم المعروفة بالـ حكميّة ، يلزمه تمكن من علم الفلك و الأبراج و الأرصاد و حركة النجوم و الكواكب .... إلخ . لمعرفة الأوقات المناسبة لكل عملٍ ، من نحوسٍ و سعود.
و أغلب الظن أنكِ قد قرأتِ بعض تلك الكتب ، حيث استخدمتي ألفاظاً تشير إلى سعة الإطلاع عليها ، خاصة فيما يتعلق بالبخور و طريقة الجلوس و هيئة التي يحضر عليها الخادم .
الخلاصة:
و كما طرحتي الحل في الختام ، فإن المسلم الحق ليس بحاجة لمثل هذه الطرائق . حيث أنعم الله علينا بتلك النعمة التي ليس بعدها نعمة. و قد ترك لنا سيّدنا رسول الله ، صلى الله عليه و آله و سلم ، ما إن تمسكنا به فلن نضل أبدا . و الضلال ، في إحدى معانيه ، الحياد عن الواضح من الطريق ، و الواضح بلا أي التباس هو أن بالكتابِ و السنة مايغني و يكفي .
أشكرك يا أستاذة رغد ، على منحي هذه الفرصة للحديث في هذا الجانب من المعرفة . التي ندعوا الله أن تبقى مجرد معرفة من باب العلم بالشيء ، لا العمل به . و قد كفى نصـّك و وفى نهياً عن السير بذلك الدرب المحفوف بالمهالك .
فاسلمي دوماً و تحصني بذكر الله و الصلاة على نبيّه الأكرم ، عليه و على آله الصلاة و السلام.
كما أحيي ذائقتك البصريّة الراقيّة التي اختارت تلك الصورة المرافقة
__________________
أستغفِرُ الله العظيم وهو التوّاب الرحيم