فى شقة من شقق الأحياء التى أصبحت شعبية نظرا لإنقراض طبقة ساكنيها التى كانت تعرف بالوسطى فى ستينات القرن الماضى تستيقظ الأم مبكرة كعادتها وتوقظ بنيها و بناتها فاليوم هو بداية العام الدراسى الجديد، كل يتواثب متسابقا نحو الحمام أو الحوض ليفوز بالأولوية و كعادتهم من بالخارج يتعجل من بالداخل سيمفونية كل يوم من أيام الدراسة عادت بعد فصل صيف لم يحظوا فيه بمصيف كما تعودوا سابقا فالكلفة أصبحت فوق طاقة الأب موظف الدرجة الرابعة بالحكومة.
هند مازالت فى سريرها تتثاقل و تمدد جسدها ثم تعود لحالة اللانوم و اللا صحو تزوم لأخواتها
"سيبونى خلاص انا هاقوم لوحدى ... هى المدرسة زى الجامعة ؟ ... أنا ربنا تاب عليَّا بقى ارحمونى" تنادى عليها أمها فلا ترد ..
تدخل عليها أمها "فزى يا بت بلاش كسل يا كئيبة"
ترد بصوت مخنوق: "أقوم أعمل ايه؟ ... علشان أروح الجامعة؟ ... فين اللبس اللى طلبته ؟ ... أنا جالى حاجة ... كله قديم والبسى حاجة أختك ...أنا زهقت من الوضع ده ... لما انتو مش قد الخلفة بتخلفونا ليه؟"
الأم : "يا بنتى قومى لابوكى يسمعك ع الصبح عيب ... قوم يا بنتى الله يرضى عليكى ما تناهدنيش"
تخرج من حجرتها عابسة على الحمام فالحوض فغرفتها دون أن تنظر لأحد ... العبوس مرتسم عليها ... تدخل غرفتها ... ترتدى ملابسها القديمة و تأخذ طريقها نحو الباب لتنزل ... تناديها أمها مش هاتفطرى يابنتى ؟ ... تعالى بلى ريقك ... لا ترد و تخرج لتغلق الباب وراءها، فينظر الأب للأم بدهشة و لا يعلق.
بعد العصر تعود هند من الجامعة تجرى نحو أمها تغنى " يا حبايبى يا أهلى و يا جرانى ... أنا عايز أخدكوا ف أحضانى" تتراقص و تحضن أمها تحتضن كشكول محاضراتها و تدخل نحو غرفتها، تتعجب الأم "سبحان مغير الحوال" و تنظر نحو ناهد متسائلة مالها البنت دى ؟
تدخل ناهد وراءها غرفتهما تجدها مستلقية مبتهجة على سريرها دون أن تغير ملابسها، تمد ناهد يدها نحو كشكول محاضراتها و تقلب صفحاته فتجده خالٍ إلا من إسم و رقم تليفون، تومئ برأسها إيجابا كمن حل لغزا .... فقد كانت ناهد تكبر هند بعام .
تمت
__________________
دى فضفضة من قلم رغم الألم ... حسَّاس
مهموم بِهَمْ الناس
يمكن تضيئ كلمته ... العقل جوة الراس