القصيدة الأولى .قصيدة امرؤ القيس
لِمَن طَلَلٌ بَينَ الجُدَيَّةِ والجبَل مَحَلٌ قَدِيمُ العَهدِ طَالَت بِهِ الطِّيَل
عَفَا غَيرَ مُرتَادٍ ومَرَّ كَسَرحَب ومُنخَفَضٍ طام تَنَكَّرَ واضمَحَل
وزَالَت صُرُوفُ الدَهرِ عَنهُ فَأَصبَحَت عَلى غَيرِ سُكَّانٍ ومَن سَكَنَ ارتَحَل
تَنَطَّحَ بِالأَطلالِ مِنه مُجَلجِلٌ أَحَمُّ إِذَا احمَومَت سحَائِبُهُ انسَجَل
بِرِيحٍ وبَرقٍ لَاحَ بَينَ سَحَائِبٍ ورَعدٍ إِذَا ما هَبَّ هَاتِفهُ هَطَل
فَأَنبَتَ فِيهِ مِن غَشَنِض وغَشنَضٍ ورَونَقِ رَندٍ والصَّلَندَدِ والأَسل
وفِيهِ القَطَا والبُومُ وابنُ حبَوكَلِ وطَيرُ القَطاطِ والبَلندَدُ والحَجَل
وعُنثُلَةٌ والخَيثَوَانُ وبُرسُلٌ وفَرخُ فَرِيق والرِّفَلّةَ والرفَل
وفِيلٌ وأَذيابٌ وابنُ خُوَيدرٍ وغَنسَلَةٌ فِيهَا الخُفَيعَانُ قَد نَزَل
وهَامٌ وهَمهَامٌ وطَالِعُ أَنجُدٍ ومُنحَبِكُ الرَّوقَينِ في سَيرِهِ مَيَل
فَلَمَّا عَرَفت الدَّارَ بَعدَ تَوَهُّمي تَكَفكَفَ دَمعِي فَوقَ خَدَّي وانهمَل
فَقُلتُ لَها يا دَارُ سَلمَى ومَا الَّذِي تَمَتَّعتِ لَا بُدِّلتِ يا دَارُ بِالبدَل
لَقَد طَالَ مَا أَضحَيتِ فَقراً ومَألَفاً ومُنتظَراً لِلحَىِّ مَن حَلَّ أَو رحَل
ومَأوىً لِأَبكَارٍ حِسَانٍ أَوَانسٍ ورُبَّ فَتىً كالليثِ مُشتَهَرِ بَطَل
لَقَد كُنتُ أَسبى الغِيدَ أَمرَدَ نَاشِئاً ويَسبِينَني مِنهُنَّ بِالدَّلِّ والمُقَل
لَيَالِيَ أَسبِى الغَانِيَاتِ بِحُمَّةٍ مُعَثكَلَةٍ سَودَاءَ زَيَّنَهَا رجَل
كأَنَّ قَطِيرَ البَانِ في عُكنَاتِهَا عَلَى مُنثَنىً والمَنكِبينِ عَطَى رَطِل
تَعَلَّقَ قَلبي طَفلَةً عَرَبِيَّةً تَنَعمُ في الدِّيبَاجِ والحَلى والحُلَل
لَهَا مُقلَةٌ لَو أَنَّهَا نَظَرَت بِهَا إِلى رَاهِبٍ قَد صَامَ لِلّهِ وابتَهَل
لَأَصبَحَ مَفتُوناً مُعَنَّى بِحُبِّهَا كأَن لَم يَصُم لِلّهِ يَوماً ولَم يُصَل
أَلا رُبَّ يَومٍ قَد لَهَوتُ بِذلِّهَا إِذَا مَا أَبُوهَا لَيلَةً غَابَ أَو غَفَل
فَقَالَتِ لِأَترَابٍ لَهَا قَد رَمَيتُهُ فَكَيفَ بِهِ إن مَاتَ أَو كَيفَ يُحتَبَل
أَيخفَى لَنَا إِن كانَ في اللَّيلِ دفنُهُ فَقُلنَ وهَل يَخفَى الهِلَالُ إِذَا أَفَل
قَتَلتِ الفَتَى الكِندِيَّ والشَّاعِرَ الذي تَدَانَت لهُ الأَشعَارُ طُراً فَيَا لَعَل
لِمَه تَقتُلى المَشهُورَ والفَارِسَ الذي يُفَلِّقُ هَامَاتِ الرِّجَالِ بِلَا وَجَل
أَلَا يا بَنِي كِندَةَ اقتُلوا بِابنِ عَمِّكم وإِلّا فَمَا أَنتُم قَبيلٌ ولَا خَوَل
قَتِيلٌ بِوَادِي الحُبِّ مِن غيرِ قَاتِلٍ ولَا مَيِّتٍ يُعزَى هُنَاكَ ولَا زُمَل
فَتِلكَ الَّتي هَامَ الفُؤَادُ بحُبِّهَا مُهفهَفَةٌ بَيضَاءُ دُرِّيَّة القُبَل
ولى وَلَها في النَّاسِ قَولٌ وسُمعَةٌ ولى وَلَهَا في كلِّ نَاحِيَةٍ مَثَل
كأَنَّ عَلى أَسنَانِها بَعدَ هَجعَةٍ سَفَرجلَ أَو تُفَّاحَ في القَندِ والعَسَل
رَدَاحٌ صَمُوتُ الحِجلِ تَمشى تَبختراً وصَرَّاخَةُ الحِجلينِ يَصرُخنَ في زَجَل
غمُوضٌ عَضُوضُ الحِجلِ لَو أَنهَا مَشَت بِهِ عِندَ بابَ السَّبسَبِيِّينَ لا نفَصَل
فَهِي هِي وهِي ثمَّ هِي هِي وهي وَهِي مُنىً لِي مِنَ الدُّنيا مِنَ النَّاسِ بالجُمَل
أَلا لا أَلَا إِلَّا لآلاءِ لابِثٍ ولا لَا أَلَا إِلا لِآلاءِ مَن رَحَل
فكَم كَم وكَم كَم ثمَّ كَم كَم وكَم وَكَم قَطَعتُ الفَيافِي والمَهَامِهَ لَم أَمَل
وكافٌ وكَفكافٌ وكَفِّي بِكَفِّهَا وكافٌ كَفُوفُ الوَدقِ مِن كَفِّها انهَمل
فَلَو لَو ولَو لَو ثمَّ لَو لَو ولَو ولَو دَنَا دارُ سَلمى كُنتُ أَوَّلَ مَن وَصَل
وعَن عَن وعَن عَن ثمَّ عَن عَن وعَن وَعَن أُسَائِلُ عَنها كلَّ مَن سَارَ وارتَحَل
وفِي وفِي فِي ثمَّ فِي فِي وفِي وفِي وفِي وجنَتَي سَلمَى أُقَبِّلُ لَم أَمَل
وسَل سَل وسَل سَل ثمَّ سَل سَل وسَل وسَل وسَل دَارَ سَلمى والرَّبُوعَ فكَم أَسَل
وشَنصِل وشَنصِل ثمَّ شَنصِل عَشَنصَلٍ عَلى حاجِبي سَلمى يَزِينُ مَعَ المُقَل
حِجَازيَّة العَينَين مَكيَّةُ الحَشَا عِرَاقِيَّةُ الأَطرَافِ رُومِيَّةُ الكَفَل
تِهامِيَّةَ الأَبدانِ عَبسِيَّةُ اللَمَى خُزَاعِيَّة الأَسنَانِ دُرِّيِّة القبَل
وقُلتُ لَها أَيُّ القَبائِل تُنسَبى لَعَلِّي بَينَ النَّاسِ في الشِّعرِ كَي أُسَل
فَقالت أَنَا كِندِيَّةٌ عَرَبيَّةٌ فَقُلتُ لَها حاشَا وكَلا وهَل وبَل
فَقالت أَنَا كِندِيَّةٌ عَرَبيَّةٌ فَقُلتُ لَها حاشَا وكَلا وهَل وبَل
فَلَمَّا تَلاقَينا وجَدتُ بَنانَها مُخَضّبَةً تَحكى الشَوَاعِلَ بِالشُّعَل
ولاعَبتُها الشِّطرَنج خَيلى تَرَادَفَت ورُخّى عَليها دارَ بِالشاهِ بالعَجَل
فَقَالَت ومَا هَذا شَطَارَة لَاعِبٍ ولكِن قَتلَ الشَّاهِ بالفِيلِ هُو الأَجَل
فَنَاصَبتُها مَنصُوبَ بِالفِيلِ عَاجِلا مِنَ اثنَينِ في تِسعٍ بِسُرعٍ فَلَم أَمَل
وقَد كانَ لَعبي كُلَّ دَستٍ بِقُبلَةٍ أُقَبِّلُ ثَغراً كَالهِلَالِ إِذَا أَفَل
فَقَبَّلتُهَا تِسعاً وتِسعِينَ قُبلَةً ووَاحِدَةً أَيضاً وكُنتُ عَلَى عَجَل
وعَانَقتُهَا حَتَّى تَقَطَّعَ عِقدُهَا وحَتَّى فَصُوصُ الطَّوقِ مِن جِيدِهَا انفَصَل
كأَنَّ فُصُوصَ الطَوقِ لَمَّا تَنَاثَرَت ضِيَاءُ مَصابِيحٍ تَطَايَرنَ عَن شَعَل
وآخِرُ قَولِي مِثلُ مَا قَلتُ أَوَّلاً لِمَن طَلَلٌ بَينَ الجُدَيَّةِ والجبَل
قصيدة يزيد بن معاوية
أراك طــــــــروباً والهــــاً كالمتـــــــيم تطوف بأكنـــــاف السجاف المخيــــم
أصـــــابك سهــــم أم بليت بنظـــــــرة وما هــــــــذه إلا سجـــــــيّة مغـــــرُّم
على شاطئ الوادي نظرت حمامــــة أطــــالت علـــيّ حسرتـــي والتــــندم
فإن كنت مشتاقاً إلى أيــمن الحمــــى وتهوى بسكـــــــــان الخــيام فأنعــــم
أُشيــــــر إليــــها بالبنـــان كأنمــــــــا أُشـــير إلى البيــت العتـــيق المعظـــم
خــــذوا بدمي منهــــــا فـــإني قتيلهـا وما مقصــــدي إلا تجــــــود وتنعـــم
خذوا بدمي منها فإني قتيلها وما مقصدي إلا تجود وتنعم
ولا تقتــــلوها إن ظــــــفرتـم بقتلـــها ولكن سلـــــوها كيف حل لهــــا دمــي
وقولوا لها يا منيــــــة النفــــس إننـي قتيل الهوى والعشق لو كنت تعلمـي
ولا تحسبــــوا إنـــي قتلــــت بصـارم ولكن رمتني من رباهــــــا بأسهــــــم
مدنية الألفـــاظ مكيـــــــة الحشــــــا حجــــازية العيــنين طائيــــــــة الفـــم
وممشوطة بالمسك قد فاح نشرهـا بثغـر كـأن الـدر فيـه منـظـم
لها حكم لقمـــان وصــــــورة يوســف ونغمــــــــة داوود وعفـــــة مريــــــم
ولي حزن يعقوب ووحشـه يونـس وآلام أيـــوب وحـســرة آدم
أغـــــار عليهــــــا مـــن أبيها وأمهـــا ومــــن لجة المسواك إن دار في الفم
أغار علـــــى أعطافهــــــا من ثيابهــا إذا ألبســــتها فــــــوق جســم منعــــم
وأحســـــد أقداحـــــــاً تقـــبل ثغرهـــا إذا أوضعتهـا موضـع اللثم فـــــي الفم
فوالله لـولا الله والخــــــوف والرجـــا لعانقتها بيــــن الحطيــم وزمــــــــزم
ولمــا تلاقيــــــــــنا وجــدت بنانهـــــا مخضبة تحكــــــي عصـــــارة عنـــدم
فقلت خضبت الكف بـــــعدي هكـــــذا يكون جــزاء المستهـــــــــام المتـــيم
فقالت وأبدت في الحشا حرق الجوى مقالة مــــن في القــــول لــم يتبــــرم
فوسدتهـــا زنــــدي وقبلت ثغـــــــرها فكانت حلالاً لي ولو كنــــــت محـــرم
وقبلـتها تسعــــــــاً وتسعـــون قبـــلة مفرقــــة بالخـــــــــد والكـــف والفـــم
ولو حُـرِّم التقبيل علـــى ديـــن أحمـــد لقبلتها على دين المســيح ابن مريم
وعيشكم ما هــــذا خضــــاب عرفتــه فلا تــــك بالــــزور والبهتــان متهـــم
ولكنـــــــــــني لمــا وجدتـــك راحـــلاً وقد كنت لي كفي وزندي ومعصــمي
بكيــت دمــــــاً يوم النـــوى فمسحـــته بكفــي فاحمرّت بنانــــــــي مـــن دمي
ولو قبل مبكاهــــــــا بكيت صبـــابة لكنت شفيت النفـــــس قــــبل التنـــدم
ولكن بكت قــــبلي فهيجــــني البكـــا بكاها فقلـــت الفضــــل للمتــــــــــقدم
بكيت على من زين الحسن وجههـــا وليس لها مثــــــــل بـــعرب وأعجـــم
أشارت برمش العين خيــــــفة أهلــها إشارة محســـــــــــــود ولــم تتكــــلم
فأيقنت أن الطــرف قــــال مرحـــــــبا وأهـــلاً وسهلاً بالحبيب المتــــــــــيم
ألا فاسقني كاسات خــمر وغن لــــي بذكـــــر سليمــــى والرباب وزمـــزم
وآخــــر قــــــولي مثل ما قلـــت أولاً أراك طـــروباً والهــــــاً كالمـــــــــتيم
ـــــــــــــــــــ
لم أكتب بيت في قصيدة يزيد بن معاوية حياءً من معناه