آخر الاعمال قبل الرحيل

[samirazek]

آخر أغانى عمالقة الطرب الأصيل..
فرقة العندليب رفضت قارئة الفنجان وفايزة أصرت على أغنية توفى كاتبها وملحنها

أحمد عادل
الاهرام 11-5-2014

فايزة احمد وعبد الحليم حافظ
لم نتوقع حين سمعنا هذه الأغانى أنها ستكون الأخيرة لعمالقة زمن الطرب الأصيل، وأن مسيرة أعمالهم الفنية التى امتعوا بها جماهيرهم العريضة ستنتهى مع انتهاء تسجيل هذه الأغانى، ومثلما كان تنوع أصواتهم وسيلة لسعادة الجمهور، كذلك كان تنوع كلمات أغنياتهم الأخيرة وألحانها، فقد جاءت جديدة فى أبهى الصور، الفن رسالة وأصحاب الرسالة يبدعون حتى آخر نفس يقدمون أفضل ما لديهم طول الوقت ويخلد ذكراهم جمهور يعشق الفن، "بوابة الأهرام " رصدت كواليس الأغانى الأخيرة لـ8 مطربين من عمالقة الطرب الأصيل .

نبدأ أول الكواليس بكوكب الشرق أم كلثوم التى اختتمت حياتها الفنية بأغنيتين، تمكنت من تسجيل الأولى وهى أغنية "حكم علينا الهوى" من كلمات الشاعر عبد الوهاب محمد وألحان الموسيقار بليغ حمدى، أما الثانية "أوقاتى بتحلو" والتى صاغ كلماتها أيضاً عبد الوهاب محمد ولحنها سيد مكاوى، إلا أن الأجل لم يمهل سيدة الغناء العربى تسجيلها، فقامت الفنانة وردة الجزائرية بغنائها فيما بعد، ومن المفارقات أيضاً أن تكون رائعة سيد مكاوى "يا مسهرنى" والتى كتبها شاعر الشباب أحمد رامى، هى آخر ما شدت به أم كلثوم فى حفلاتها .

أما موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب فقد أبى ألا ينهى حياته دون تجديد، وهو الذى حمل على عاتقه رسالة تجديد الموسيقى العربية والخروج بها من زمن الطقطوقة والموال إلى زمن الأغنية العصرية، فختم مسيرته الفنية بأغنية "من غير ليه" من كلمات الشاعر مرسى جميل عزيز، قبل وفاته فى 4 مايو 1991، وكان من المفترض أن يغنيها حليم منذ السبعينيات، ويبدو أن عبد الوهاب لم يقتنع بأن يغنيها مطرب آخر سوى العندليب، لذا فقد قام عبد الوهاب بغنائها بنفسه، حاشداً فيها كل مظاهر التجديد الموسيقى لتخرج فى أكمل صورة، ويدل على هذا بروفات الأغنية التى كان يصدر فيها عبد الوهاب توجيهاته لأعضاء الفرقة الماسية بقيادة الموسيقار أحمد فؤاد حسن، ومن يتأمل كلمات الأغنية التى بدأت بالتساؤل عن جدوى الحياة ؟، يجد أن عبد الوهاب ينعى نفسه لجماهيره العريضة، ناصحاً إياهم بأن الحب هو الغرض من هذه الحياة .

وكانت أغنية " كلمة عتاب يا حب " آخر أعمال موسيقار "لحن الخلود" فريد الأطرش، وهى من كلمات الشاعر أحمد شفيق كامل، وقد قام فريد بتوزيعها وغنائها على العود، ثم أعاد الموسيقار بليغ حمدى توزيعها مستعيناً بجمل موسيقية للأطرش، وغنتها وردة الجزائرية، أما آخر أغنية فى أفلام فريد فكانت "عشان ماليش غيرك" من كلمات فتحى قورة، وقد غناها فريد فى فيلم "نغم فى حياتى" وشاركه البطولة ميرفت أمين وحسين فهمى، ومن انتاج عام 1974 .

قصيدة " قارئة الفنجان " كانت خاتمة أغنيات العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، كتب كلماتها نزار قبانى، ولحنها الموسيقار محمد الموجى، الذى شاءت أقداره أن يلحن أولى أغانى العندليب "صافينى مرة" .
وقد شهدت كواليس الأغنية أجواء تدل بأنها " الأغنية الأخيرة " لحليم، فالعندليب بدا عصبياً فى غنائها، ودخل فى مشادات مع بعض الجماهير الذين لم يراعوا ملابسات مرضه أثناء آدائه للقصيدة، مما دفع عبد الحليم بأن يحتد عليهم فى سابقة لم تحدث من قبل .

ويبدو أن الأغنية قد استغرقت كل حواس العندليب، وظهر هذا من خلال أدائه لها، بالرغم من أن كثير من أعضاء الفرقة الماسية التى رافقت حليم على مدى 30 عاماً قد تشاءموا من القصيدة، ونصحوا العندليب بعدم غنائها .

وبموت عبد الحليم ذهب كثير من أعماله الفنية إلى المطربة فايزة أحمد، والتى غنت "وقدرت تهجر" من كلمات حسين السيد وألحان محمد عبد الوهاب، وأغنية " خلينا ننسى اللى فات" من كلمات عمر بطيشة وألحان محمد سلطان، فيما قام هانى شاكر بغناء " هو اللى اختار" من كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدى .

أما الموسيقار محمد فوزى " رائد مدرسة السهل الممتنع " فى الغناء فقد ختم مسيرته الغنائية بأغنية وطنية وهى أغنية " أم البلاد " من كلمات محمد كمال بدر، وذلك إثر عودته إلى مصر من رحلاته العلاجية التى امتدت إلى لندن وبرلين، بعد أن يأس الأطباء من تحديد مرضه الذى اسموه ( مرض فوزى ) وقد أفقده وزنه ( حتى صار وزنه 36 كيلو )، والأغنية نادراً ما يتم إذاعتها، وفيها يتشوق فوزى الى بلاده التى افتقدها كثيراً أثناء مرضه، وتقول كلماتها : " جيلك بشوقى يا بلادى من بعيد .. جيلك وحاسس إنى مخلوق من جديد .. عديت بحور .. خطيت بلاد.. دوست السحاب .. ومشيت على جرحى وأنا فى عز الشباب .. عشان أبوس منك بشوق حبة تراب .. جى من بعيد .. إنسان جديد .. جيلك وأول مره أحس إنى سعيد .. يا أم البلاد " .

فيما كانت الأغنية الأخيرة للفنانة فايزة أحمد هى الأشد إيلاماً، حتى أن النقاد قد اطلقوا عليها "الأغنية اليتيمة"، وهى أغنية "لا ياروح قلبى أنا"، حيث توفى كاتب كلماتها الشاعر حسين السيد فى 27 مارس 1983، فبدأ الموسيقار رياض السنباطى فى تلحينها إلا أنه مات قبل استكمالها فى 9 سبتمبر من نفس العام، ليببدأ نجله أحمد السنباطى بتلحين ما تبقى من الأغنية تحت إلحاح شديد من فايزة أحمد والتى كانت بدورها أماً لزوجته، وبالفعل أتمها وغنتها فايزة التى كانت تعانى من مرض السرطان وهى جالسة على كرسى باستديو 45 بمبنى الإذاعة، وخرجت الأغنية الكلاسيكية الطويلة على أكمل وجه، ولا يشك من يستمع إليها بأن صاحبتها مريضة وستموت بعد آيام من تسجيلها فى 19 سبتمبر 1983، ومن المفارقات أيضاً أن كلمات الأغنية تقول " من النهاردة هعيش بأجمل حلم شفته .. وهفتكر بدموع أحلى عمر عشته " وقد ماتت صاحبتها .

واختتمت الفنانة شادية مسيرتها الفنية قبل اعتزالها بأغنية دينية " خد بإيدى " من كلمات علية الجعار وألحان عبد المنعم البارودى، وكانت هذه الأغنية أشبه بمسك الختام لمسيرة فنية حافلة لـ "الدلوعة "، فقد شدت بها فى احتفال الإذاعة بالمولد النبوى الشريف "الليلة المحمدية" نهاية عام 1986 م وكان آخر ظهور لشادية على المسرح .. وهذه الأغنية كانت مناجاة حقيقية لطلب التوبة وأدتها شادية بدموعها وبكل طاقتها وحواسها وبعد إسدال الستار انفجرت فى البكاء، لتكون آخر أغنية للفنانة الكبيرة قبل اعتزالها .

وكانت أغنية " أيام " آخر أغنية للفنانة وردة الجزائرية قبل وفاتها فى 17 مايو 2012، والأغنية من كلمات منير بوعساف وألحان بلال الزين، وقد تم إذاعة الأغنية التى تم تصويرها فيديو كليب بعد وفاة وردة فى مؤتمر موسيقى بالعاصمة اللبنانية بيروت، ولم تترك الفنانة وردة ما يغنيه لها غيرها، بالرغم أن الحظ قد ساعدها فى أن تغنى الكثير من الأغنيات التى تركها عمالقة الزمن الجميل مثل أم كلثوم وفريد الأطرش .