حاجة اللحن إلى دور ثان في الموشح من عدمه هو الذي يحدد , فإن كان الدور الأول مكتمل الهيئة , وشخصيته تامة بنسيجه اللحني , وله نكهة وطعمة مستقلة .. فحينها يحبذ اختراع سلسلة له ترافقه .. وانتبه .. علامة حسن إيرادها هو أنه يستلذ في عقبها الرجوع إلى لحن الدور , كما يدعو لحن الدور إلى استجلاب لحن السلسلة .. أي ينبغي أن يكونا مع بعضهما في غاية الإنسجام والتوافق ...
ولعل هناك فرقاآخر وفيما بين الدور والسلسة جرت عليه أغلب التلاحين .. وقلت في أسلوب الخانة وهو أن السلسة في معظمها .. تختلف إيقاعيا عن ميزان الدور .. وهي صفة ميزتها عن أسلوب إيراد الخانة
أما موضوع تلحين الخانة في الجوابات أو في المناطق الحادة والسلسة بخلاف ذلك .. فهذا أمر صحيح , وورد في أغلب تلاحين الخانات والسلسلات
كما أن هناك من خالف هذا الأمر
وخذ مثالا تلحينيا على ذلك :
موشح قد حركت أيدي النسيم - مقام هزام - أصول نواخت
لاحظ خانته جاءت في أراضي المقام ولم تأت ضمن جواباته وتسمى خانة
مع أن رأيي هو أن سياق اللحن والتلحين وفكرته هو ما يفرض ذلك
وهناك موشحات ضمت الإثنين معا , السلسلة وتلتها الخانة كموشح بدري أدر كأس الطلا
ومثل موشح محي غرام المشتاق ولكنه أتى بالخانة بداية تلتها السلسلة فالغطاء .. على عكس ترتيب موشح بدري أدر
وهناك موشحات تلاحمت فيه الخانة مع الدور فصارا كلا واحدا كموشح ما لعيني أبصرت العجم عشيران - تلحين الشيخ أحمد أبو خليل القباني وموشح بالروح أفدي شادنا - مقام عجم عشيران وأصول مربع وتلحين المرحوم كامل الخلعي
فهما لحمة واحدة من بداية التوشيح ‘لى آخره
كما أن هناك موشحات من غير خانة لأنها لا تحتمل الإضافة لإستغنائها بالدور وإكتفائها ذوقيا كموشح بأبي باهي الجمال - مقام أوج عربي وأصول الأقصاق وتلحين قديم
ومثله موشح الماهور ليل بصفات جعلتني - أصول الفاخت .. وهو عبارة عن دورين فقط
والخلاصة أنه يمكنك وضع خانة لموشح ما والإتيان بها من القرار أو الجواب .. بحسب فكرة اللحن وسياقه وانسجامها مع الأدوار , وقد تكون ضمن القرارات وآراضي المقام ووسطه وتسمى خانة
ويستطيع الملحن أن يركب سلسلة ومن المناطق الجوابية ويستعملها بما يتوافق وينسجم مع الأدوار وتسمى سلسلة
فليس كل خانة جاءت أصواتها الأولى في قرار المقام لا تصح , وعكسه في السلسلة أيضا صحيح
والله تعالى أعلم