رد: المرحوم باعوت
أخي HEMANI ، أشكرك على ما قدمته من أعمال للفنان باعوت.
كنت في منزلي في أوائل الستينيات، وأنا لازلت صبيا آنذاك، لا أعلم أي فنان في هذا الكون سوى الفنان باعوت. لم يكن لدينا بالمنزل ولو جهاز المذياع. كان أبي بلكنته "الصحراوية" يردد أنغاما لم أكن أفهم منها سوى الإيقاع. وكان يقول لي ولإخوتي السبعة "هذا كلام باعوت". وكنا كلما كان بالمدينة عرس، وأراد أهل العريس أن يقدموا هدايا للعروس، انطلقوا بكل هذه الهدايا من منزلهم مرفوعة فوق الرؤوس نحو منزل العروس تحت نغمات فرقة "صحراوية" بالبنادير والكصبة (ناي غليظ يصدر أصواتا فخمة). وكان أبي يحرص على اصطحابي لهذا الحفل المجاني ويشدني بحزم بيدي ويقول لي : "اسمع كلام باعوت".
لذا، لهذا الرجل مقام خاص في وجداني إلى اليوم الذي لا أذكر تاريخة، لكني أتذكر جيدا خبر وفاته وهو على خشبة مسرح المدينة التي ولدت وترعرعت بها ألا وهي مدينة مكناس.
نعم أخي لقد توفي الفنان باعوت على خشبة سينما ABC بمدينة مكناس وليس بالراشدية كما ذكرت.
نقلت الخبر إلى أبي، فبقي دقائق مطأطأ الرأس ثم حكا لي لأول مرة فترة طفولته بقصر السوق مدينته الأصلية وبالليالي التي كان يفر فيها بمنتصف الليل من منزل أبويه إلى الليالي الملاح، كما قال، كي ينصت إلى "كلام باعوت" وكي يراه يرقص. لأن، حسب عزم أبي، كان هذا الفنان من أمهر الراقصين.
|