لايختلف اثنان في اعتبار علي الرياحي الاستثناء بكل المقاييس في تاريخ الموسيقى التونسية فالرجل لم يدرس الموسيقى ولا يعرف النوتة ولا يجيد العزف على آلة وترية كالعود مثلا على غرار الرواد من الملحنين بل اتخذ من آلة الرق التي برع في التوقيع عليها سنده الأوحد في ضبط ألحانه واستعان بالبعض من زملائه لتدوينها...ومع ذلك فالعارفون بشؤون الموسيقى يقرون له بالنبوغ والعبقرية والتفوق والتفرد والريادة ...ويشهدون له برسوخ القدم في التلحين حتى عدت ألحانه شواهد في تناول المقامات ومعالجتها وتطويع الإيقاعات وتركيبها ... وصنفت أعماله تراثا وطنيا يعبق آصالة وتجدرا وتجديدا تتباهى به تونس وتفاخر ...وتنافس المطربون باختلاف طبقاتهم الصوتية على ترديد مقطوعاته ...وهو إلى جانب التلحين مطرب بالأساس يمتاز بصوت شجي النبرات رخيم الشدو عذب التلفظ سليم المخارج صادق التعبير عريض المساحة تمرس على أداء الموشحات والقصائد والأدواروالمالوف ومحاكاة أساطين الطرب الشرقي من أمثال الصفتي وأبي العلاء محمد وسيد درويش ومنيرة المهدية وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب إلخ...أما من الغرب فقد كان يهيم بموسيقى بيتهوفن وكان معجبا بالفرنسي تريني وشارل أزنافور وموريس شوفاليي إلخ ... مما جعله ينفرد بطابع مميز في الغناء قلما يجيده مقلدوه ...كما للرياحي محاولات موفقة في نظم الأغاني وساهم بقسط وفير في تاليف الكثير من أغانيه الناجحة أذكر على سبيل الذكر لا الحصر في ضوء القميرة .يا بعيد عني يا قريب مني.قلبي يفركس على الحب.قلبي يشكيلك نجواه.في ليلة الاحد.أنا كالطير.بيت الشعر.الزيتونة . يا سايحة.أنا عندي منك تصويرة .تعليلة العروسة .صمبة حبي.ينجيك وينجيني إلخ... وللحديث بقية.