تجليـــات
ناصر دويدار
( 1 )
بعيداً عن النمطيّة و القوالب الجاهزة ، و الجُمَلة الشِعرية الذهنيّة ، و قريباً من التلقائيّةِ و الدفءِ و الشجَن ،، يقف ناصر دويدار
إنه يطرح رؤيته الواضحة ، دون أغلفةٍ أو حواجز ، و دون أن يلقِي بالاً لزخرفةِ القصيدة ، أو زركشةِ المعاني ،،
و هو ما يعطي لصوته هذه الألفة َ و الحميميّة ، التي يستشعرها القاريء أو المستمع ، منذ السطر الأول ..
فهو شاعرٌ بسيط ٌ إلى درجة " السهل " ،، و عميق الموهبةِ إلى درجةِ " الممتنع "
التفاصيل الصغيرة ،، نمنمات الوقت ،،، صخب الحياة ،،، إصطياد الرتوش العابرة ،،، إلتقاط " دبّة النملة " في حركة " اليَومي " ... هذا التنوع المثير ، نجده في " تجليّات "
و الشِعرُ يا سادة ،، لم يعُد عريضاً فخيماً مُجلجلاً بالتقريرية أو الشعارات " المقتولةِ سلفاً " ،، فَ " الأبّهة " الكلاميّة ، هي أبعد ما تكون عن الصِدق ،
و النـَّفـَسُ الشِعري ، حين يكون متمرساً و عميقاً و أصيلاً ،، يصبحُ فطرة الشاعر ، و رصيداً حاضراً في كل انفعالاته
أنت مع ناصر " تـُبحلِق " ،، لأن المشهدَ المُتلاحِق ، يجذب الدهشة في طاقتك البصرية
أنت مع ناصر ،، تفتحُ وجدانك على مصراعيه ،، لأن عنصرَ " التلقائية " حاضرٌ بقوة
و الشاعر يا سادتي ،، ليس ذلكَ الذي يجلس في بهو الفندق المكيف ،، و يشحذ رأسه الكريمة ، في سبيل " القوافي " والكلماتِ الرنانة ،، و سجعٍ و جَرسٍ " ربما استهلكته ألعابُ البلاغةِ البهلوانيّة " ،، بقدر ما هو " حالة ٌ أو طيفٌ أو تـَجَلٍّ " شديد الصِّدق ، مسبوق بموهبةٍ خلاَّقةٍ ، و تجربةٍ حياتيّةٍ ثريّة ..
و شعر العامية بطبيعته ، هو الأكثر قدرة " مقارنة ً بالفصحى " على التعبير عن المجتمع و الواقع المُعاش ، لأنه يعبر عنه بنفس لغته ، و يخاطبه على نفس المستوى التعبيري و الإنفعالي
__________________
شاء اللي شاء ،، و اللي داء ،، مِـن وَردِة الشـِّفة
نـَـهَـل نـبـيـذ لاِشـْـتِيـاء ،، نهـــرِين ،، و لـَم كـَـفـَّىَ
شـَـهَـقْ شـُعاع خِصرَهَا ،، سَرْسِـب نـَدَى مَصْهـور
وِ فْ كلّ سَـرسوب شُـعاع ،، مَـلايكة مُصْـطـَـفـَّــة
يا تـراب و مخلوط بماء ،، إزاى غـَوِيـت النـُّـــور
يـِفـُــــــــــور علـى سِحــرَها ،، و فِــيها يـِتخـَـفـَّـىَ
كمال