تشتهر بعض محلات بغداد بوجود هواة المقام العراقي فما ان
يستجد الحديث عن المقام حتى تجد بين الحاضرين من يصحح
لك النغم ويحلله تحليلاً علمياً ، هذه صفى لازمة للشخصية البغدادية
فالمقام كان ولا يزال يحمل خصوصيات ينفرد بها عن غيره من
الانغام العربية فتطبع البعض على فهم اصول المقام جاء نتيجة
السماع والمراس لهذا فان الوسط الشعبي يعج بقراء المقام الجيدين
الذين لم تسنح لهم فرصة الظهور او انهم بسبب التقاليد ظلوا هكذا
يراقبون ما آل اليه المقام العراقي باسف فالذي يستمع الى بعض القراء
الذين لايبذلون جهداً في الاداء الصحيح او الصوا الجميل والمقريء
عبد الوهاب البناء من اولئك الذين خلدوا الى الصمت وهم يطوفون
في محلة خان اللاوند او محلة الفضل يجلسون في المقاهي التي يدور
فيها حديث المقام بهمس تارة وبعنف تارة اخرى والبناء من المقرئين
المعروفين في الوسط الشعبي فقد درس المقام على طريقته الخاصة
اذ انه متابع دقيق لكل الجالغيات التي كان يقدمها مشاهير القراء ،
رشيد القندرجي ، الأستاذ محمد القبانجي .
ولد عبد الوهاب البناء في محلة الفضل سنة 1911 ، أخذ المقام العراقي
عن المرحوم رشيد القندرجي ومحمود القدوري الشيخلي وقد اشتهر بقراءة
مقام الناري والحديدي والجاركاه والشرقي رست والاورفة والحسيني
والبهيرزاوي وقد سجل له معهد الدراسات النغمية عدداً من الأشرطة
كما شارك في اكثر حفلات المتحف البغدادي اضافة الى الحفلات
الخاصة التي يقودها في بعض البيوتات المشهورة وصوته فيه غلظة
وله قدرة على الصياغة النغمية وتحاريره للمقامات مسبوكة ، فهو
يطبق الاصل اي النغم دون اعطاء اهمية للكلام او الشعر المصاحب
للنغم وهذا متأت من جهله للقراءة والكتابة فطبقة صوته عالية أي
ان اداءه يهبط الى القرار دون ان يمسه اذ يأخذ نَفَسَهُ في الاختناق
مما سبب ارتجاجات في طبقة صوته وهذا متأت من كبر سنه اذ انه
يقيناً كان يمتلك صوتاً متكاملاً وبخاصة جواباته ، وعبد الوهاب البناء
واحد من الجيل الذي لايزال يتمسك باصول المقام والحفاظ على الأصل.