ماذا يبقى بعدكَ يا محمد؟
الاصدقاء في مندانا العزيز تحية طيبة.
يسعدني أن أبعت لكم هذا النص الداذي كتبته تعبيرا عما أحسسته من مشاعر بعد أن فارق الوالد الحبيب هدذه الدنيا وشكرا للقراءة.
ماذا يبقى بعدكَ يا محمد؟
1-
أبكيكَ يا أبي
ودمعي مكتومُ
وقلبي مكلومُ
بحُرقةِ المشتاقِ
ولوعةِ الفراقِ
ويصعُبُ الكلامُ
تضيقُ العباراتْ
شريطُ الذكريات ليمُرَّ ..
2-
أذكُرُ فرحتكْ
بحلولِ ابنِكَ البكرْ
كنتَ غائبا عن البيتْ
وحين عدتْ
كانت سعادتًكْ
وصرتُ عِشقكَ
مع الأيام ْ…
3-
ومن آلذكرى..
كان هناك ناسٌ وفرحْ
وعيونٌ فضوليةٌ
تأكلُناُ:
ـ ياهْ..
جميلٌ كابيهْ
بدينٌ كأبيهْ
أنيقٌ كأبيهْ
وأصابتني عينْ
:فقلتَ لهُمْ
سأرحل بعشقي الصغيرْ
عن عيونكم الشريرهْ
وفي البيتْ
كنتَ تتحسَّسُ الجسدَ الصغيرْ
والرأسَ الصغيرْ
ودقاتِ القلبِ الصغيرْ
وتبكي كل ال1ليلْ
أن يحفظَ اللهُ
أملكْ
ويرعاهُ لكْ
..وعشتُ
ومع الأيامِ
صِرنا صديقينْ
نتقاسمُ الطريقْ
الحزن و الفرح ولحظات
والسفرِ
والبحرْ
وجسديالصغير
يتهادى فوق عنقِك
حنانك المخفيَّ و
وراء صرامتكْ
لِتبني رجلاً
يكونُ فخركْ
وذخركْ
في يومِ ضُعفكْ .
4-
وحين بدأتُ أكبُرْ
صِرتَ تشتري الحذاءَ الجديد
: وتقولْ
اِلبِسهُ ياسعيدْ
أنتَ به أولى
.وسألبسُهً حين يبلَى
وحين كنا نلتقي
نضعُ الرأسَ على الرأسِ
نتَكاشفُ في همسِ
حديثِ عشقٍ وتوحُّدْ
ألَسْنا واحد؟
5-
..وللذكرى
يومَ فكَّرتُ في البعدِ
نسيتُ أن أودعكَ مع المودعينْ
: قلتَ لي معاتِباً
ـ نسيتَ وداعي يا سعيدْ!
اعتذرتُ بأني..
لا أتَحمَّلُ لحظاتِ الوداعْ
والبعدِ عنكْ
فأنتَ في القلبِ ساكنْ
وفي الطائره
فاتَحني رشيدْ:
أبوكَ لا يُطيقُ فراقك-!!
ـ لم يقُلْ لي
ـ بلْ قالَ لي
ـ لماذا هذا الرحيلْ؟
ـ إنها المصلحة والمستقبلْ
ـ لا تقلْ ذلكْ
أنتم واللهِ لا تسافرونْ
بل تهربونْ..
.صدق حدسكَ يا محمدْ
وهناكَ
ظل طيفكَ الرفيقْ
ودعواتُكْ
تنيرُ لي الطريقْ
حين تقسو الأيامً والناسْ
وحين أسمعً صوتكَ عبرَ الهاتفْ
يأتيني ضعيفاً
أخافُ عليكْ
أخافُ أن أفقدَكَ من بعيدْ
وأظلُّ أدعو اللهْ
أن يجمعنا
أن أجدَكَ في الموعدْ
لأنكَ يا محمد في القلب ساكنْ
وفي مسقِطْ
حيثُ الرفاقُ ينتظرونْ
كنتُ أذرَعُ الممراتِ متوتِّراً
ويسألون مالَكْ؟
ـ كلنا ننتظرُ لأهلَ بشوقْ
ـ أنتم لا تعرفونَ ما بي
إنه التَّوْقُ
والعشقْ .
6-
وحين هلَّ أخيراً أنورْ
كان فرحُكَ أكبرْ
إنهُ الامتدادُ الثاني
وأعزُّ من الولدْ
ولدُ الولدْ
حين يولدْ
قلتَ لي فرحا:
ـ مبروكْـ
اعبتُكْ :
ـ عُقبَى لكْ
رددتَ ساخراً كعادتكْ:
ـ إنشاءَ اللهْ
وصارَ عشقكَ الثاني
حين يراكْ
العاري يداعبُ رأسك
وتتعانقانْ
وتتضاحكان
في براءة طفلين
هو العشقُ إذن يتجددْ
7-
!ما أغربَ لعبةَ الأرقامْ
غبتُ عنكَ تسعاً
واُنتظرتني
وعدتُ طائراً
يحُفُّني الشوقُ إليكْ
لِيتجدَّدَ الوصْلُ
!وتودعني بعد تسع ؟
حتى في هذه
َغلبتني! ؟
!في عدلكْ ؟
فلماذا هذا العدلُ؟
وإن كنتَ تأبَى الفراقْ
فماذا بقي بعدكَ يا محمدْ؟
8-
أذكُرُ ضَحكتَكَ الساخرة
من هذه الدنيا الفانية
ومن الناسْ
الذينَ فقدوا كل إحساسْ
وحينَ يقسو المرضْ
دائماً صابِرْ
صامدْ
حامِدْ
قليلَ البَوْحِ والشكوى
وأنا أقولُ لكْ :
يامحمدْ اُطلبْ ما تُريدْ
بلِ اؤْمُرْ
فأحلامكَ عندي أوامر .
9-
وحينَ تُقْتَ لقبرِ النبي
صعُبَ الوصلْ
فقُلتُ لك :
ـ لا عليكْ تعالَ عندي
لأسهِّلَ لكَ الوصلْ
وهناك في مرابِعِ غربتي القاسية
كان لسانُ حالكَ يقولْ:
ـ ماأقسى ماعانَيْتَ يابنَيْ
ألمْ أقُلْ ذلك يوما لصاحبك؟
10-
وحينَ وَهَنَ الجسدُ أخيراً
مرِضتُ لمرضكْ
أخذتُكَ للطبيب بعد الطبيبِ
وبدأ الجسدٌ الواهنُ يحيى
ويحيى أملي أملُكَ
في النجاةِ
والحياةِ
حتى يدومَ اللقاءُ والعشقُ
ولكنْ...
11-
ومعَ الذكرى..
وحينَ أحسَسْتَ بقربِ الرحيلْ
كنتَ تقولُ لي:
ـلماذا تغيبُ عني؟
لماذا لا تبقى معي؟
لا أريدُ مالكْ
بل أريدكْ
من عندي غيرُكْ
هو العشقُ أيضاً
ولو كنتُ أعلمْ
مالم أعلمْ
لَلازمتُكَ كظلِّكْ
لأشبَعَ منكْ
وأنا أقولْ:
لا تبْكِ يا سي محمدْ
للهُ يهديكْ..
12-
وجاءتْ كلِماتُكَ الأخيره
في اعتذارٍ بريءْ
وجسدُكَ الواهنُ يئنُّ بحملٍ ثقيلْ:
ـ يا سعيدْ...
أنا لستُ معهمْ...
ـ أعرف ذلك
ولو استطعتْ
لَخطفتُكَ منهمْ
وأسكنتُكْ
أفْخمَ ركنٍ في قلبي
يا عشقي الأبدي..
13-
وفي آخرِ ليله
أحسَسْتُ بقربِ الفراقْ
فلثَمْثُ اليدْ
وقبَّلتُ الجبينْ
ومسحتُ دمعةً ساخنهْ
من عينكَ الغرَّاءْ
وأُلهِمتُ أن ألقي عليكْ
النظرةَ الأخيره..
14-
وفي الصباحْ....
دَلَفْتُ لذلك المكانْ
لأجدكَ في كاملِ بهاكْ
سألتُ الممرضة:
ـ ماذا هناك؟
ـ دخلَ الكوما في
ـ لا تقولي ذلكْ
أينَ الطبيبْ؟
لا تقلْ لي كوما
قال وهو ينزعُ بقسوة
أدواتِهِ البئيسْة
:من الجسدِ المسجي
ـ لا أكذب عليكْ أبوكْ...
ـ لا تقُلْ ماتْ
ياشِبْهَ طبيبْ
وفي المرةِ القادمه
اِلبِسْ بذْلةَ الطبيبْ
لتُقنعَ الناسَ
أنكَ فعلاً طبيبْ..
وداعاً يا محمدْ
ولو إلى حينْ.
15-
وحينَ شاع خبرُ الفاجعه
توافدَ الأهلُ
مُتَّشحينَ بالحزنْ
ذاهلينْ
من قذارةِ المكانْ
وقسوةِ الإنسانْ
على أعز إنسانْ..
16-
محمد يا أبكيك لن
فالعشقُ بيننا موصولُ
ومهما الفراقُ يطولُ
فأنت في البالِ خالِدْ .
سعيد محمد أنور
1432 رمضان
2011 غشت
|