* : صور الفنانين / تلوين (حديث) لأبو برهان .. (الكاتـب : أبو برهان - آخر مشاركة : محمد لؤي وكيل - - الوقت: 00h19 - التاريخ: 23/10/2025)           »          حفلات فريد الأطرش (الكاتـب : samirazek - آخر مشاركة : الفرساني - - الوقت: 15h46 - التاريخ: 22/10/2025)           »          نعيم سمعان (الكاتـب : جرامافون - آخر مشاركة : غريب محمد - - الوقت: 13h24 - التاريخ: 22/10/2025)           »          عادل مأمون- 23 نوفمبر 1932 - 25 نوفمبر 1990 (الكاتـب : MOHAMED ALY - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 06h18 - التاريخ: 22/10/2025)           »          فايزة أحمد- 5 ديسمبر 1930 - 21 سبتمبر 1983 (الكاتـب : الباشا - آخر مشاركة : د.حسن - - الوقت: 05h30 - التاريخ: 22/10/2025)           »          وحيدة خليل (الكاتـب : MAAAB1 - آخر مشاركة : كريم عبد - - الوقت: 21h49 - التاريخ: 21/10/2025)           »          ألحان زمان (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : Dr. Taha Mohammad - - الوقت: 21h12 - التاريخ: 21/10/2025)           »          الصوت البديع حنان (الكاتـب : امحمد شعبان - آخر مشاركة : علي أبوناجي - - الوقت: 21h09 - التاريخ: 21/10/2025)           »          مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية و توزيعات منها (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 21h59 - التاريخ: 20/10/2025)           »          دروس في الهارموني النغمي التقليدي و الهارموني الحديث (الكاتـب : Hisham Khala - - الوقت: 20h58 - التاريخ: 20/10/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > المغرب العربي الكبير > المغرب الأقصى > الدراسات والبحوث في الموسيقى المغربية

 
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #3  
قديم 06/09/2011, 14h12
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: April 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
افتراضي رد: الوظائف الروحية لفن السماع في المجتمع المغربي

.

3 ـ السماع المجرد كأداة في التربية الروحية :

أما إذا انتقلنا إلى سماع القوم ، فإننا سنجد أن الوظائف الروحية التي أسندت للطرب في الزاوية جعلت السماع ركنا من أركان الطريق ، يقول الدلائي : "أما القوم ، أعني الصوفية ، فالسماع عندهم ركن من أركان الطريق ومورد رائق لأهل النهاية والتحقيق ، لأنه يهيج الأشواق ويفتح باب الأذواق ويوسع دائرة التلاق" . فالسماع عند القوم وجه من أوجه الذكر ، ومن ثمة ما يعتبر أداة من أدوات تطهير القلوب وتصفيتها من جنابة الغفلة وعلل النفس وحظوظها الدنية ، يقول الشيخ الحراق :

فطهر بماء الذكر قلبك جاهدا *** بصدق اللجا واغسله من كل علة

بل إن السماع صار وسيلة من وسائل التربية ، من خلاله يتوسل بالطرب ، بوصفه مصيدة للنفوس ، وذلك من أجل إخراج هذه النفوس من غفلاتها والرقي بها في مدارج السلوك ومنازل السير نحو معرفة الحق سبحانه . ولعل أسطع مثال على التربية عبر السماع ، تلك الحكاية التي أثبتها لنا التهامي الوزاني في كتابه "الزاوية" ، حيث نقرأ : "وسمع سيدي محمد الحراق المطربين يغنـون بقصيـدة ـ الصبح كشريف أرخى ذيل أيزارو ... ـ ، فطرب لها طربا عظيما وتواجد إلى أن كانت العمامة ترتفع عن رأسه مقدار ذراع ، ثم خلع على المطربين وأحسن إليهم ، فلما كان بعد ثلاث بعث وراءهم وعرض عليهم قصيدته التي هي على وزن ـ الصبح كشريف ارخى ذيل ايزارو ـ والتي في أولها :

صاف الحبيب تظفر ببديع أنوارُ *** وتـحــوز مـــن بـهـــاه إيــمــارا


فقرأوها عدة مرات وأداروها على أوزان القصيدة السابقة ، فإذا بمعانيها أجل وألطف من معاني سابقتها ، فأمر بإحضار آلات الطرب ، فأحضرت وطفق المنشدون يرددون هذه القصيدة في ألحان شتى ، وقد أعجب بها العلماء والأدباء والصوفية على حد سوء ، فأمر الشيخ أن يقام إكرام للفقراء دام ثلاثة أيام شكرا لله الذي ألهمه إلى هذه القصيدة " .

إن الشيخ الحراق ، على منوال أرباب الأحوال المتمسكين برسوم الشريعة والمتمكنين من أذواق الحقيقة ، ما كان ليطرب للمعاني الغزلية الحسية المبثوثة في برولة "الصبح كشريف ارخى ذيل ايزارو" ، ثم ما كان أيضا لينقدح حاله وتهتاج مواجيده ، فقط بسبب طرب الأصوات ونغمات المعازف والآلات ، بل إن الحال الذي اهتاج في باطن الشيخ كان ثمرة فهمه الإشاري لما انطوت عليه البرولة من دلالات ذوقية ، فأصبحت بذلك النغمات حاملا لطيفا لتلك النفحات الإشارية التي حركت سواكنه وقدحت أسراره الكامنة ، وهذا هو "التلقي" الصوفي من حيث هو "أخذك ما يرد من الحق عليك" ، كما أنه "سماع إلهي" وهو غير السماع الطبيعي الذي يكو بالنغمات والألحان انبجست من خلاله ، وعلى مرآة برولة "الصبح كشريف ..." ، دلالات رائقة وحقائق فائقة نابعة من صلب تجربة الشيخ الحراق المتوهجة في الحب الإلهي ، ولا يلزم أن يكون ما فهمه الشيخ موافقا لمقصود الناظم ، لأن "المحترق في حب الله تعالى *كما قال أبو حامد الغزالي* وجده بحسب فهمه ، وفهمه بحسب تخيله ، وليس م شرط تخيله أن يوافق على مراد الشاعر ولغته ، فهذا الوجد حق وصدق" . بل يضيف أن "الذي غلب عليه حب الله تعالى ، فلا تضره الألفاظ ، ولا تمنعه عن فهم المعاني اللطيفة المتعلقة بمجاري همته الشريفة " ، فهذا السماع الإلهي هو سماع الأكابر "الذين يتواجدون من حيث كامنات سرائرهم لا من حيث قول الشاعر ومراد القائل " كما أكد ذلك صاحب حل الرموز .

هكذا نفهم أن تواجد الشيخ عند سماعه المطربين يتغنون ببرولة "الصبح كشريف ارخى ذيل إيزارو " كان ثمرة تلقيه الصوفي للبرولة ، وسماعه الإلهي لها ، ومن ثم فهمه الإشاري لمدلولاتها ومعانيها ، وهذا هو ما حذا به إلى معارضتها ببرولة "صاف الحبيب تظفر ببديع نوارو" والتي أودع فيها بعض فتوحاته الإشارية التي فهمها ، ذوقا ، من البرولة الغزلية "الصبح كشريف ارخى ذيل ايزارو" وإن من شأن تأمل مقتضب في البرولتين أن يعضد ويدعم ما نقول.

فبرولة "الصبح كشريف ارخى ذيل ايزارو " برولة غزلية تصور بتشخيص أدبي جميل ، بهاء الصبح وهو ينبلج من رحم الليل ، بينما تنقل برولة الشيخ الحراق "صافي الحبيب ..." موضوع الغزل من التشبيب بضوء الصباح كأثر كثيف لزمن حسي فزيقي إلى التغني بأنوار المحبوب بماهي أنوار بديعة لطيفة لمحبوب مطلق البهاء ، إننا ننتقل مما هو حسي شبحي كثيف نسبي ، إلى ما هو معنوي روحي لطيف مطلق ، وبين ثنايا وخيوط برولة الشيخ الحراق يسري هذا التصويف من خلال تحويل موضوع الغزل من الطبيعة إلى خالقها ، ومن جمالها الحسي الظاهر إلى جمال مبدعها المتجلي فيها ، إنه يرد الفرع إلى الأصل النوراني ، ويرسم طريق تأهيل المريد للانتقال من رؤية الظل إلى مشاهدة النور ، من خلال الحض على الذكر والصدق في المحبة ، وهو ما يكشف بجلاء على البعد التربوي الصوفي ، والتأهيلي الروحي ، الذي تضطلع به هنا المعارضة ، والتي اتخذت الموسيقى أداة من أدواتها ، من هنا نفهم الفرح العارم الذي استولى على اشيخ وهو يرى كيف أن نصه الصوفي الفائض بالدلالات الصوفية "ينسخ" ويلغي نصا غزليا حسيا تشبيبيا ، يتغنى بالجمال الحسي لذاته . على أن الشيخ بهذا المنهج في المعارضة ، كان ينشر طريقته الصوفية ، ويبث في الناس عبر النغم ، بما هو مصيدة للنفوس ، التغني بالذكر حتى يتعلقوا به فيتخلقوا بمحبة المذكور ليتحققوا بشهوده . ولا ضير في هذا المنهج التطهيري التأهيلي أن يتغنى المطربون ، في البدء ، بالأذكار ومعانيها دو أن يفقهوها ، إذ لا يوجب الذكر المصحوب بالغفلة الابتعاد أوالتخلي عن الذكر إذ " غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره " كما يقول ابن عطاء الله في حكمه ، ثم إن المداومة على الذكر قد ترقي صاحبها إلى أطوار القرب ، ويفصل ذلك الشيخ الحراق ، العطائي الذوق ، في رسائله فيقول : "إذا ذكر الذاكر بلسانه والعقل مشغول بأموره من من كل مأكول أو مشروب وغيرهما ، فلا يسمع ذكر اللسان . ولكن إذا دام الإنسان على الذكر ربما وجد العقل فراغا في بعض الأوقات فسمعه ، وإذا سمعه تذكر وطنه الأصلي وعالمه النوراني ، فصار بحكم القهر إليه وترك الجسم مهملا لا يبالي به , فإذا دام الجسم على ذلك الحال تبعه على ما هو عليه لانحيازه إلى حمى الله ، وصار الجسم بعد أن كان متبوعا تابعا ، وصار العقل بعد أن كان متبوعا تابعا ، وظهرت على الجسم أحوال العبودية وظهرت على العقل أنوار الربوبية ، ولا يزال الأمر كذلك حتى يحصل الوصول ويصير الجميع كلا واحدا ، وقد كان الله ولا شيء معه " .


إن هذا لاإدراك العالي لأحوال النفس ولتقلباتها حسب أطوار الذكر هو الذي حكم نهج الشيخ في معارضته لبرولة "الصبح كشريف ..." بل وفي كل معارضاته التصويفية للصنائع الآلية . لذلك لم يعبأ بذلك الذي أراد أن ينكت عليه حين بادره قائلا : "يا سيدي محمد الحراق ، لقد قيل لنا إن كلامك ابتذل حتى أصبح يقال في أوكار الفجور والفساد ، " ، إذ أجابه الشيخ جواب المتيقن من نهجه والعارف لمقصده : "ليس بابتذال ، ولكنه كلام أرضى الجميع ، وإنى أحمد الله على أن صلح لهم كلامي حتى صاروا يتغزلون به لجلب السرور " . وقد سبق معنا أن جلب السرور هذا ليس سوى لحظة من لحظات اللإيقاع بالنفس بغية تطهيرها وترقيتها .

انطلاقا من هذا المثال الساطع، يتبين لنا الدور الروحي الذي يستعمل فيه السماع من لدن القوم ، حيث يضطلع بوظيفة تطهيرية وتأهيلية للفرد تتغيا تحريره من أسر نفسه ورعونتها وتوجيه قلبع الصقيل نحو قبلة الحق وجماله المطلق ، وهذه الوظيفة هي واحدة من جم الوظائف المسندة للسماع في السياق الصوفي ، والتي تتعدد بتعدد الأحوال والمقامات والأوقات ومنازل السير إلى الله سبحاه.
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 00h45.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd