* : صور الفنانين / تلوين (حديث) لأبو برهان .. (الكاتـب : أبو برهان - - الوقت: 22h32 - التاريخ: 27/10/2025)           »          سعاد مكاوي- 19 نوفمبر 1928 - 20 يناير 2008 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : محمد الصباح - - الوقت: 22h19 - التاريخ: 27/10/2025)           »          آمال حسين (الكاتـب : الباشا - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 21h15 - التاريخ: 27/10/2025)           »          صـــبـــاح- 10 نوفمبر 1927 - 26 نوفمبر 2014 (الكاتـب : الباشا - آخر مشاركة : محمد الصباح - - الوقت: 21h03 - التاريخ: 27/10/2025)           »          محمد السيليني (الكاتـب : Sami Dorbez - آخر مشاركة : محمود نديم فتحي - - الوقت: 20h25 - التاريخ: 27/10/2025)           »          حكاية أغنية كانت من نصيبك واتقسمت لغيرك (الكاتـب : حازم فودة - - الوقت: 17h23 - التاريخ: 27/10/2025)           »          أغاني منوعة بأصوات سورية (الكاتـب : لؤي الصايم - - الوقت: 16h29 - التاريخ: 27/10/2025)           »          أبوبكر سالم بلفقيه (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : علوي الكاف - - الوقت: 10h36 - التاريخ: 27/10/2025)           »          آسيا غندور (وطفة) (الكاتـب : حماد مزيد - آخر مشاركة : لؤي الصايم - - الوقت: 09h49 - التاريخ: 27/10/2025)           »          طليع حمدان (الكاتـب : لؤي الصايم - - الوقت: 09h30 - التاريخ: 27/10/2025)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > المغرب العربي الكبير > المغرب الأقصى > كلاسيكيات مغربية..الطرب الملحون

روابط سريعة طرب الملحون
أحمد العجيلة التهامي بنعمر المرحوم قويدر ديفيد الزيوني عبد العالي لـباركـي ماجدة اليحياوي محمد السوسي ملحون مراكش
إدريس بن جلون الجوق النسائي التطواني ثريا الحضراوي ديفيد بن عروش عبد الكريم كنون مجموعة السعادة - النزاهة محمد بوزوبع الابن منال القباج
أسماء الأزرق الحسين التولالي جمال الدين بنحدو رواد فن الملحون عزوز بناني مجموعة امنزو محمد بوستة مولاي المهدي العلوي
التهامي الهاروشي الحسين بن ادريس حياة بوخريص سناء مرحتي لطيفة أمال مجموعة سعيد المفتاحي ملحون تافيلالت نعيمة الطاهري

 
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #7  
قديم 28/03/2011, 22h53
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: April 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
افتراضي الملحـون والتاريـخ_2_

الرحلـة الحجازيـة

الرحلات أنواع «تختلف باختلاف الدواعي للسفر وأسبابه»(38)، ومن بين هذه الأنواع: الرحلة الحجازية «التي يضعها صاحبها بعد رجوعه من قضاء فريضة الحج، وهي زيادة على موضوعها الأساسي، من وصف الأماكن المقدسة، وبيان مناسك الحج، وكيف أداها المؤلف، تشتمل في الغالب على وصف كل المراحل التي مر بها الراحل من بلده إلى مكة المكرمة»(39).

أ – الرحلة الحجازية من خلال الركب الفاسي

حظي حج الأمير المولى إبراهيم بن السلطان المولى سليمان عام 1226، باهتمام المؤرخين(40) ووصفهم لمظهر احتفال خروج ركبه من باب فتوح بفاس، كما استأثر باهتمام شعراء الملحون، فنظموا قصائد «المرحول»(41)، أتوا فيها بإفادات عن الركب الفاسي والمكلفين به، ووفود الحجاج من مختلف القبائل، من أهل سوس ومراكش والحوز والبوادي والحواضر، فضلا عن أغنياء ووجهاء مدينة فاس، ذاكرين وسائل النقل المستعملة في ذلك الزمان، المعتمدة أساسا على الدواب والمحفات والهوادج... وهذا ما عبر عنه سيدي عبد القادر بوخريص(42) في وصفه لاستعداد الركب لمغادرة فاس:

أروَاحْ أَرَاسِـي اتْشُوفْ هَاذْ الرَّكْبْ السَّـايْرْ
خَلاَّ نَاسْ الذَّوْقْ شَايْقَـة لْمْقَـامْ الْمُخْتَـارْ
مَـدَى مَنْ قُومَانْ جَاتْ تَمْشِي لَلْحَجّْ اتْخَاطَرْ
مَنْ سُوسْ وُمَرَّاكشْ لَفْرِيجَة جَـاوْ الْخُطَّـارْ
وَهْلْ الْحَوْزْ وُكُلْ مَنْ اتْهَيَّأْ وَعْـرَبْ وَبْرَابَـرْ
وَقْبَايِلْ شَلاَّ انْصِيفْهَا والطَّلْبَـة لَخْيَـارْ (43)
وَخْوَايَجْ هَلْ فَاسْ(44) بَرْزُوا بَمْضَارْبْ وَسْحَاحَرْ
وَخْيَـامْ اعْجِيبَة امْتَحْفَة فُرْجَة لَلنَّظَّـــارْ
وَهْجَايْنْ وَخْيُولْ رَابْضَة وَصْـوَارَمْ وَخْنَاجَـرْ
وَمْكَاحَلْ وَسْنُونْ وَالسّْيُوفْ اتْقَصَّـرْ لَعْمَـارْ
وَوْلاَدْ الْمَلِكْ كَبْدُورْ ضَيْ اسْنَاهُمْ ظَـاهَـرْ
حَفَّتْ بِهُـمْ نَـاسْ لَوْفَا اعْبِيـدْ وُلْحْـرَارْ
نَزْلُوا افْبَابْ افْتُوحْ فَالْقَلْعَة وَنْـوَاوْ الأَجَــرْ
وجْزَمْهُمْ الْوَقْـتْ مَا ابْقَـى لَلْمَحْتَالْ اشْوَارْ
وَالْحَاجْ الطَّالْبْ(45) فاضْ بَحْرُ وَدْفَقْ بَجْوَاهَرْ
وَتْهَيَّأْ لَلْمِيـزْ وَالسّْفَرْ بَالْمَــالْ وُلَجْـوَارْ
وَالدّْوِيدَرْ(46) مَعْلُومْ بَالشّْجَاعَة فَالْهَيْجَا بَاتَـرْ
يَتْقَدَّمْ قُدَّامْ الرَّكْـبْ وَيْهَـدّْ اللِّي جَــارْ
وَالْفَرْسَـانْ امْحَرّْبِينْ وُمِيرْ الْحَجّْ (47) الْغَازَرْ
يَتْقَدَّمْ يَا صَاحْ اللَّكْحَـارْ مَا هَزُّ كُـــدَّارْ
وَشْنَادَقْ (48) فَألْحَرْبْ رَبْيَة فَكْتَافُو تَتْسَاخَـرْ
وُمَمَالَكْ وَعْلُوجْ زَاعْمَة وَالْحُــرَّاسْ اكْثَـارْ
وَمْدَافَعْ وَكْبَارْ الطُّبْجِيَّة (49) عَنْهُمْ تَتْعَابَــرْ
وَفْرَاسَنْ عَنْهَا ايْكَلْ مَنْهُ شَاعَرْ عَيَّــــارْ
وَالْمُخْبِرْ (50) اعْلَى امْطِيْتُو حَامَدْ شَاكَرْ ذَاكَرْ
قَابَضْ شُورُ ابْلَقْوَامْ وَيْطِيرْ امْـعَ لَطْيَارْ (…)

أضف إلى ذلك قصائد الورشان(51) التي يبعثها الشاعر في رسالة حب وشوق لرسول الله صَ، يذكر فيها الأماكن التي يمر منها ركب الحجاج أو المحطات التي يقيم فيها… يقول الحاج إدريس الحنش في قصيدة الورشان من فاس إلى المدينة المنورة وحربتها:


هَاكْ اكْتَابِي يَا حْمَـامْ لَلْمْدِينَـــة
مَنْ أَرْضْ فَاسْ سِيـرْ اتْزُورْ الْمَدَنِي
(...)
اخْرُجْ مَنْ بَابْ افْتُوحْ شُورْ لْقَبْلَة
سَهَّمْ عْلَى سْبُو وَانْتَ فَارَحْ سَالِي
فُوتْ الْعَسَّـالْ مَنْ سْبُـو وَتْعَـالـى
سَهَّمْ عْلَى السّْهِيبْ افْتَلْتْ الْيَالِـي
يَلْقَاكْ الصَّفَّـاحْ وَالشّْعَابْ ايْمِينَــا
خَفّْ لَجْنَاحْ وَقْرَا شَرّْ الْعُرْبَانِــي
وَاشْرَبْ فِي عُقْبْ النّْهَـارْ مَنْ لَعْوِينَة
لَمْكَنّْيَة ابْعِينْ الطَّينْ افْلَوطَاني (...)

ب – الْمَحْمَــل(52)

وعندما يصل الركب المغربي إلى القاهرة ينضم إلى المحمل المصري الذي وصفه الزياني ووصف مظاهر الاحتفال به. ولم يفت شعراء الملحون وصف هذا المهرجان الاحتفالي الكبير وما اشتمل عليه المحمل من كسوة الكعبة المشرفة، وفاخر الحلي والحُلَل... يقول الحاج عمر المراكشي في قصيدة المحمل التي حربتها:

يَا رَبِّي بِكْ لِيكْ كَمَّلْ بَالْخِيرْ اعْلِـيَّ
مَكَّة نَنْظَرْهَا ايْزُولْ كَرْبِــــي
اللاَّيَمْ لاَ تْلُومْنِي كُفّْ اللُّومْ اعْلِــيَّ
نَتْهَى اللاّيَمْ لاَ اتْزِيــدْ عَجْبِـي
مَا نَكْوِيتِي وْلاَ انْظَرْتِي فَرْجَاتْ زْهِيَّـة
افْمَصْرْ تَمَّ زَالْ كَرْبِـــــي
يَوْمْ الْمَحْمَلْ ايدُوزْ لاَبَسْ كَسْوَة عَكْرِيَة
حُسْنْ ابْهَاهْ مَنْ ابْعِيدْ يَسْبِـــي
بَحْلِي وَحْلَلْ وُلَتْفَاتْ وَجْوَامَرْ ذَهْبِيَـة
عَنْ ذَا مَا صَالْ بِهْ عَرْبِــــي
مُوبَّرْ لَكْتَافْ قَصّْتُو تَنْبَاكَنّْ اثْرِيَّـــة
وَمْجَادَلْ لَحْرِيـرْ فَاشْ امْغَبِّــي

بعد هذا، لا يغفل عن ذكر المزارات والأماكن والمحطات التي يجتازها المحمل المصري والركب المغربي انطلاقا من القاهرة إلى أن يصل إلى مكة، حيث توضع الكسوة على ظهر الكعبة...

مَنْ سُوقْ السُّوق يَنْتَقْلْ وَالنُّوبَة حَرْبِيَة
وَجْيُوشْ الْمَصْرِي امْعَ الَمْغَرْبِي
(...) زَارْ الْحُسِينْ وَلْدْ الْمَاجَدْ خَيْرَ لَبْرِيَة
مَنْ بِـه ازْدَادْ شُوقْ حُبِّــي
(...) الْبَابْ النَّصْرَة الْبَرْكَة ايْقَدْمُوا فَعْشِيَة
فَجْيُوشْ حَـارْ شْعَاعْ هَذْبِـي
مَنُّو الْرُوسْ النّْوَابَرْ يَامَنْ هُو فَاهَـــمْ
وَادْ التِّيهْ مَعْلُومْ ابْلَعْلاَمَـــة
مَنُّو رَاحُوا لَلنَّخْلْ بَالْفْرْحْ وُلَكْرَايَـــمْ
مَنْ بَعْدْ مَعْطَـنْ لَحْكَامَــة
لَمْكَنِّي بَزْعَلْكَا وُمْسَمِّي فَلْقَــــادَمْ
مَنُّو سَارُوا مَالْهُــمْ قَامَــة
اسْطَحْ الْكَعْبَة وَصْلُوا رُكَّابْ وُرَجْلِيَــة
ذَاكْ الْهَاذَا امْـدَرْبِــي (...)

وتتعدد الأمثلة والنماذج في موضوع الرحلة الحجازية في الشعر الملحون، إلا أن ما يجب الإشارة إليه هو إمكانية مقارنة قصائد المرحول والورشان والمحمل مع كتب الرحلات(53) ونصوص الرحلات المنظومة في الموضوع(54).
تسجيل الأحداث والوقائع

لم يكتف شعراء الملحون بتدوين أحداث ووقائع مطلع القرن العشرين، بل تفاعلوا مع ماجرياتها، مسجلين ومعلقين على كل شاذة وفادة بأسلوب نقدي تحليلي... ذلك ما سنلاحظه من خلال:

أ – البيعـة الحفيظيـة

كثيرة هي الكتابات التاريخية التي تطرقت للبيعة الحفيظية، سواء باللغة العربية أو باللغات الأجنبية(55)، حيث ركزت على موقف النخبة منها، وأثبتت فتوى علماء فاس في النازلة العزيزية(56). أما موقف العامة – التي كان لها دور فعال في الحدث، وخاصة الحرفيين – فقد عبر على لسانها الشيخ هاشم السعداني(57) بقصيدة يعرض فيها الحيثيات والظروف الزمانية والمكانية والكيفية التي تم بها عقد بيعة أهل فاس (فاتح ذي الحجة 1325 / 5 يناير 1908)، هذه البيعة التي جاءت متأخرة بأربعة أشهر على قيام المولى عبد الحفيظ (بيعة مراكش، 6 شعبان 1325 / 1907) والتي نصت على عدة شروط من بينها، حماية بيضة الإسلام، والحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها بالدعوة إلى الجهاد... وقد تضمنت القصيدة كذلك، الدعاء للسلطان المولى عبد الحفيظ، منوهة بكفاءته العلمية وبشجاعته وإقدامه، مبتهلة إلى الله أن يكمل رجاءه للذود عن حوزة الوطن وهذه حربتها:

الله ايْدُوَّمْ الْعَـزّْ وَالنّْصْـرْ وَالْفَتْحْ الْمُبِينْ للَّهْمَامْ الْحَسَانِي
السُّلْطَانْ الْمَخْصُـوصْ بَالْعْنَايَة مَوْلاَيْ حْفِيــــدْ
(...) عَزْلُوا مَنْ ضَلْ وْلاَ ادْرَى ايْدَبَّرْ أَمْرَ لَعْبَادْ بَالشَّرْعْ يَالَخْوَاني
نَظْرُوا إِمَامْ افْضِيلْ عَدْلْ تَقِي عَالَمْ امْجِيــــــدْ
ايْقُومْ بْأَمْرْ الدِّينْ بَالسّْيَاسَة وُلْعْقَلْ الرَّاجَحْ لَفْطِينْ وُدَهْقَانِي
اجْتَمْعَتْ كَلْمَتْهُمْ بَالنّْصَرْ لْمَوْلاَيْ حْفِيــــــدْ
عَقْدُوا لُو الْبَيْعَة فْ «كَطْ»[29] قَعْدَة فَضْرِيخْ إِمَامْ غَرَبْنَا نُورْ عْيَانِي
أَبُو الْعَلاَء ادْرِيسْ بَنْ ادْرِيسْ رَاهْ الله اشْهِيــــدْ
مَنّْ عْلِينَا الْمَوْلَى لَكْرِيمْ قَامْ لأَمِيرْ الْعَالَمْ الشّْرِيفْ الرَّبَّانِي
َبالْعِلْمْ اللَّدُنِِّي احْمَاهْ رَبِّي مَا مْثْلُو سِيــــدْ (...)
كَمّْلْ يَامَوْلاَنَا ارْجَا الأَمِيرْ يَامَرْ ابْلْجْهَادْ جَمْعْ الْبُلْدَانِي
يَغْـزِي الْكُفَّارْ الطَّاغِيينْ وْيْبَدّْدْهُمْ تّبْدِيـــــدْ

إلى أن يقول مؤرخا قصيدته:

تَارِيخْ الْحُلَّة عَامْ «كَهْ نَشْرَ»حْ «لَكْ» [1325] فَنْظَامْ قَيَّدْ فِي عَلْوَانِي
فَتْمَامْ القَعْدَة هَاكْهَا اعْرُوسَة بَالْحُسْـنْ اتْمِيـــدْ

وفي قصيدة ثانية موضوعية بعنوان: «سبب النصر» لنفس الشاعر، تطرق فيها بكثير من التفصيل والتدقيق للأسباب التي مهدت لعقد البيعة الحفيظية، واصفا الحالة التي كانت عليها مدينة فاس قبل وبعد عقدها، مشيدا بالدور الذي لعبه العلماء في هذه النازلة وإجابتهم عن سؤال في شأن السلطان المولى عبد العزيز، وجهه لهم ممثلو سكان فاس بزعامة ابن الوافي(58)، تقول حربة القصيدة:

جَادْ رَبِّي عَطّْفْ عَنَّا امْكلَّـعْ الضِّيـمْ
سِيدْنَا مَوْلاَنَا إدْرِيسْ تَاجْ لَكْــرَامْ
سْفَرْ تَاجْ لَكْرَامْ عَنْ اسْعِيدْ الْكَــفّْ
وَطْلَـبْ نَعْمْ لَكْرِيمْ فَاللُّطْفْ الْخَافِي
وَعْطَاهْ اللَّه كِيفْ يَبْغِي يَتْصَـــرَّفْ
يَدْرَكْ نُورْ لَسْلاَمْ لاَ يَضْحَى طَـافِي
وَبْرَزْ لَمْنَاهَجْ الصّْلاَحْ ابْنَ الْوَافِـي

ثم يواصل في وصف الحالة:

قَامَتْ الدَّنْيَا وْلاَحَدْ كَانْ يَعْــرَافْ
زَالَتْ ارْسَامْ المُلْكْ وَلاَ ابْقَاتْ كُلْفَة
وْرَاجَتْ الْقُومْ وُسَامْ قَلْبْهُمْ تَرْجَـافْ
وْلاَ اتْهَنَّى تَاجْـرْ وَلاَ اخْدِيمْ حَرْفَة

وفي الأبيات الأخيرة نستشف الحس والوعي التاريخيين لدى الشاعر السعداني حينما يقول بصفته شاهد عيان:

خَبَّرْتْ افْحُلْتِي كَمَـا رِيتْ وَسْمَعْتْ
وَالْعَاقَـلْ مَا اخْفَاهْ قَصْدْ الْمَعْنَـاتي
وَالْجَاهْلْ مَا يْلُ ادْرَى لَتْقَاتِـي
كُـلّْ مَا شَفْتْ انْقُولْ فِي اطْرِيزْ لَبْيَاتْ
لَكِنْ الُقُولْ ابْلاَ حُجَّة اكْهِيبْ وَمْقِيتْ
دُونْ تَوْضِيحْ ايْفْهْمُوا فَاللّْغَا الدُّهَـاتْ
كُلْ لَفْظَة تُنْبِي عَنْ مَا اخْفِيتْ وَطْوِيتْ
(...)

ب – السلطان المولى عبد الحفيظ والحماية:

عبر السلطان الحفيظ عن موقفه من الحماية والحماة وخصوصا المحميين الذين تلاعبوا بمصلحة البلاد، مقابل مصلحتهم الشخصية، فلم يقوموا بما تفرضه عليهم آصرة الدين والوطن، فعاتوا في الأرض فسادا. ولم تنلهم – مع الأسف – الأحكام والعقوبات... وكان تعبيره عن موقفه نثرا بمخطوطته: داء العطب قديم(59) وشعرا بعدة قصائد فصيحة(60)، ولكن لا تكتمل صورة وحقيقة الموقف الحفيظي من خلال نثره وشعره الفصيح، إلا بالإطلاع على شعره الملحون ودراسته والذي أفرغ فيه ما كان يعتمل في نفسه وقلبه وعقله، ألما وحسرة على من باعوا دينهم بدنياهم، وتقاعسوا في أمر الجهاد. وعلى من تقوَّلُوا فيه والمتجنِّين عليه، فنعتوه بالخيانة والمضاربة بالمصلحة العليا للوطن. يقول السلطان العالم الشاعر المولى عبد الحفيظ في أول قصيدة افتتح بها ديوانه المطبوع على الحجر وحربتها:

بَالنّْببي وَاصْحَابُو وَكْرَامْهَا وُلْفْضَـالْ
غِيثْ هَاذْ الْغَرْبْ وَطْرَدْ كُلّْ ضَالِـي
هَكْذَا حَالْ الْوَقْتْ وُمَا اخْفَاكْ مَقْوَالْ
وَطْبَايَعْ الْخَلْقْ اقْضَـاتْ ابْلَهْوَالِـي
وَالدِّينْ ابْغُرْبَة نَكْسَاوُزَادْتُو اوْحَــالْ
وَاللِّي يَتْعَفَّفْ يُدْعَى بَالْمْحَالِي (...)
ضَاقْ مَذْهَبْ الْحَقّْ وُبَانْ كُـلْ مُخْتَالْ
كَانْ يَرْصَدْ الْوَقْتْ الْذِي ايْكُونْ تَالي
مَا اوْفَاوْ ابْوَكَدْ لَعْهُودْ نَاسْ لَجْيَــالْ
وَلاَ ادْعَاوْ الْحُرْمَة لَحْفَادْ وْلَقْيَـالِي
حَالْهُمْ انْمَثَّلْ حَرْبَة افطَرْزْ لَفْعَـــالْ
مَا اتْكِيدْ تَجْبَرْ ارْجَالْ ابْلَمْعَالــي
اتْشُوفْهُمْ افْتَقْوِيمْ الْجَسْدْ نّاسْ عُقَّـالْ
حِينْ يَنْطَقْ اتْظْنّْ امْثِيلْ الْبَرْتْقَالِي (...)
(...) مَا سَمْعُوا بْالحْدِيثْ مَا فَقْهُوا تَنْزيلْ
وَلاَ يَدْريوْا فَنْ مَعْنَـى افْتَرْتِيــلا
نَحْكِيهُمْ كَحْمِيـرْ بَحْمُـولْ اثْقِيلَــة
غَرّْهُمْ الشِّيطَـانْ اوْلاَ ادْرَاوْ لَمْـــآلْ
وِيلْهُمْ مَا سَمْعُوا مَا فَاتْ افْلَجْيَـالِي
زَادْ لْهُمْ حُبَّانْ فَلْفَانيَـة فْالأعْمَـــالْ
مَا اقْرَاوْ الْحُرْمَـة لَلنَّايَـرْ بْلَقْوَالي(61)

تلك بعض النماذج من قصائد الملحون، في مواضيع مختلفة من تاريخ المغرب وحضارته، حاولت من خلالها تبيان مدى توازي وتكامل هذا اللون من الأدب الشعبي مع النصوص التاريخية وإبراز أهميته وقيمته في إغناء البحث التاريخي.
تسجيل الأحداث والوقائع

لم يكتف شعراء الملحون بتدوين أحداث ووقائع مطلع القرن العشرين، بل تفاعلوا مع ماجرياتها، مسجلين ومعلقين على كل شاذة وفادة بأسلوب نقدي تحليلي... ذلك ما سنلاحظه من خلال:

أ – البيعـة الحفيظيـة

كثيرة هي الكتابات التاريخية التي تطرقت للبيعة الحفيظية، سواء باللغة العربية أو باللغات الأجنبية(55)، حيث ركزت على موقف النخبة منها، وأثبتت فتوى علماء فاس في النازلة العزيزية(56). أما موقف العامة – التي كان لها دور فعال في الحدث، وخاصة الحرفيين – فقد عبر على لسانها الشيخ هاشم السعداني(57) بقصيدة يعرض فيها الحيثيات والظروف الزمانية والمكانية والكيفية التي تم بها عقد بيعة أهل فاس (فاتح ذي الحجة 1325 / 5 يناير 1908)، هذه البيعة التي جاءت متأخرة بأربعة أشهر على قيام المولى عبد الحفيظ (بيعة مراكش، 6 شعبان 1325 / 1907) والتي نصت على عدة شروط من بينها، حماية بيضة الإسلام، والحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها بالدعوة إلى الجهاد... وقد تضمنت القصيدة كذلك، الدعاء للسلطان المولى عبد الحفيظ، منوهة بكفاءته العلمية وبشجاعته وإقدامه، مبتهلة إلى الله أن يكمل رجاءه للذود عن حوزة الوطن وهذه حربتها:

الله ايْدُوَّمْ الْعَـزّْ وَالنّْصْـرْ وَالْفَتْحْ الْمُبِينْ للَّهْمَامْ الْحَسَانِي
السُّلْطَانْ الْمَخْصُـوصْ بَالْعْنَايَة مَوْلاَيْ حْفِيــــدْ
(...) عَزْلُوا مَنْ ضَلْ وْلاَ ادْرَى ايْدَبَّرْ أَمْرَ لَعْبَادْ بَالشَّرْعْ يَالَخْوَاني
نَظْرُوا إِمَامْ افْضِيلْ عَدْلْ تَقِي عَالَمْ امْجِيــــــدْ
ايْقُومْ بْأَمْرْ الدِّينْ بَالسّْيَاسَة وُلْعْقَلْ الرَّاجَحْ لَفْطِينْ وُدَهْقَانِي
اجْتَمْعَتْ كَلْمَتْهُمْ بَالنّْصَرْ لْمَوْلاَيْ حْفِيــــــدْ
عَقْدُوا لُو الْبَيْعَة فْ «كَطْ»[29] قَعْدَة فَضْرِيخْ إِمَامْ غَرَبْنَا نُورْ عْيَانِي
أَبُو الْعَلاَء ادْرِيسْ بَنْ ادْرِيسْ رَاهْ الله اشْهِيــــدْ
مَنّْ عْلِينَا الْمَوْلَى لَكْرِيمْ قَامْ لأَمِيرْ الْعَالَمْ الشّْرِيفْ الرَّبَّانِي
َبالْعِلْمْ اللَّدُنِِّي احْمَاهْ رَبِّي مَا مْثْلُو سِيــــدْ (...)
كَمّْلْ يَامَوْلاَنَا ارْجَا الأَمِيرْ يَامَرْ ابْلْجْهَادْ جَمْعْ الْبُلْدَانِي
يَغْـزِي الْكُفَّارْ الطَّاغِيينْ وْيْبَدّْدْهُمْ تّبْدِيـــــدْ

إلى أن يقول مؤرخا قصيدته:

تَارِيخْ الْحُلَّة عَامْ «كَهْ نَشْرَ»حْ «لَكْ» [1325] فَنْظَامْ قَيَّدْ فِي عَلْوَانِي
فَتْمَامْ القَعْدَة هَاكْهَا اعْرُوسَة بَالْحُسْـنْ اتْمِيـــدْ

وفي قصيدة ثانية موضوعية بعنوان: «سبب النصر» لنفس الشاعر، تطرق فيها بكثير من التفصيل والتدقيق للأسباب التي مهدت لعقد البيعة الحفيظية، واصفا الحالة التي كانت عليها مدينة فاس قبل وبعد عقدها، مشيدا بالدور الذي لعبه العلماء في هذه النازلة وإجابتهم عن سؤال في شأن السلطان المولى عبد العزيز، وجهه لهم ممثلو سكان فاس بزعامة ابن الوافي(58)، تقول حربة القصيدة:

جَادْ رَبِّي عَطّْفْ عَنَّا امْكلَّـعْ الضِّيـمْ
سِيدْنَا مَوْلاَنَا إدْرِيسْ تَاجْ لَكْــرَامْ
سْفَرْ تَاجْ لَكْرَامْ عَنْ اسْعِيدْ الْكَــفّْ
وَطْلَـبْ نَعْمْ لَكْرِيمْ فَاللُّطْفْ الْخَافِي
وَعْطَاهْ اللَّه كِيفْ يَبْغِي يَتْصَـــرَّفْ
يَدْرَكْ نُورْ لَسْلاَمْ لاَ يَضْحَى طَـافِي
وَبْرَزْ لَمْنَاهَجْ الصّْلاَحْ ابْنَ الْوَافِـي

ثم يواصل في وصف الحالة:

قَامَتْ الدَّنْيَا وْلاَحَدْ كَانْ يَعْــرَافْ
زَالَتْ ارْسَامْ المُلْكْ وَلاَ ابْقَاتْ كُلْفَة
وْرَاجَتْ الْقُومْ وُسَامْ قَلْبْهُمْ تَرْجَـافْ
وْلاَ اتْهَنَّى تَاجْـرْ وَلاَ اخْدِيمْ حَرْفَة

وفي الأبيات الأخيرة نستشف الحس والوعي التاريخيين لدى الشاعر السعداني حينما يقول بصفته شاهد عيان:

خَبَّرْتْ افْحُلْتِي كَمَـا رِيتْ وَسْمَعْتْ
وَالْعَاقَـلْ مَا اخْفَاهْ قَصْدْ الْمَعْنَـاتي
وَالْجَاهْلْ مَا يْلُ ادْرَى لَتْقَاتِـي
كُـلّْ مَا شَفْتْ انْقُولْ فِي اطْرِيزْ لَبْيَاتْ
لَكِنْ الُقُولْ ابْلاَ حُجَّة اكْهِيبْ وَمْقِيتْ
دُونْ تَوْضِيحْ ايْفْهْمُوا فَاللّْغَا الدُّهَـاتْ
كُلْ لَفْظَة تُنْبِي عَنْ مَا اخْفِيتْ وَطْوِيتْ
(...)

ب – السلطان المولى عبد الحفيظ والحماية:

عبر السلطان الحفيظ عن موقفه من الحماية والحماة وخصوصا المحميين الذين تلاعبوا بمصلحة البلاد، مقابل مصلحتهم الشخصية، فلم يقوموا بما تفرضه عليهم آصرة الدين والوطن، فعاتوا في الأرض فسادا. ولم تنلهم – مع الأسف – الأحكام والعقوبات... وكان تعبيره عن موقفه نثرا بمخطوطته: داء العطب قديم(59) وشعرا بعدة قصائد فصيحة(60)، ولكن لا تكتمل صورة وحقيقة الموقف الحفيظي من خلال نثره وشعره الفصيح، إلا بالإطلاع على شعره الملحون ودراسته والذي أفرغ فيه ما كان يعتمل في نفسه وقلبه وعقله، ألما وحسرة على من باعوا دينهم بدنياهم، وتقاعسوا في أمر الجهاد. وعلى من تقوَّلُوا فيه والمتجنِّين عليه، فنعتوه بالخيانة والمضاربة بالمصلحة العليا للوطن. يقول السلطان العالم الشاعر المولى عبد الحفيظ في أول قصيدة افتتح بها ديوانه المطبوع على الحجر وحربتها:

بَالنّْببي وَاصْحَابُو وَكْرَامْهَا وُلْفْضَـالْ
غِيثْ هَاذْ الْغَرْبْ وَطْرَدْ كُلّْ ضَالِـي
هَكْذَا حَالْ الْوَقْتْ وُمَا اخْفَاكْ مَقْوَالْ
وَطْبَايَعْ الْخَلْقْ اقْضَـاتْ ابْلَهْوَالِـي
وَالدِّينْ ابْغُرْبَة نَكْسَاوُزَادْتُو اوْحَــالْ
وَاللِّي يَتْعَفَّفْ يُدْعَى بَالْمْحَالِي (...)
ضَاقْ مَذْهَبْ الْحَقّْ وُبَانْ كُـلْ مُخْتَالْ
كَانْ يَرْصَدْ الْوَقْتْ الْذِي ايْكُونْ تَالي
مَا اوْفَاوْ ابْوَكَدْ لَعْهُودْ نَاسْ لَجْيَــالْ
وَلاَ ادْعَاوْ الْحُرْمَة لَحْفَادْ وْلَقْيَـالِي
حَالْهُمْ انْمَثَّلْ حَرْبَة افطَرْزْ لَفْعَـــالْ
مَا اتْكِيدْ تَجْبَرْ ارْجَالْ ابْلَمْعَالــي
اتْشُوفْهُمْ افْتَقْوِيمْ الْجَسْدْ نّاسْ عُقَّـالْ
حِينْ يَنْطَقْ اتْظْنّْ امْثِيلْ الْبَرْتْقَالِي (...)
(...) مَا سَمْعُوا بْالحْدِيثْ مَا فَقْهُوا تَنْزيلْ
وَلاَ يَدْريوْا فَنْ مَعْنَـى افْتَرْتِيــلا
نَحْكِيهُمْ كَحْمِيـرْ بَحْمُـولْ اثْقِيلَــة
غَرّْهُمْ الشِّيطَـانْ اوْلاَ ادْرَاوْ لَمْـــآلْ
وِيلْهُمْ مَا سَمْعُوا مَا فَاتْ افْلَجْيَـالِي
زَادْ لْهُمْ حُبَّانْ فَلْفَانيَـة فْالأعْمَـــالْ
مَا اقْرَاوْ الْحُرْمَـة لَلنَّايَـرْ بْلَقْوَالي(61)

تلك بعض النماذج من قصائد الملحون، في مواضيع مختلفة من تاريخ المغرب وحضارته، حاولت من خلالها تبيان مدى توازي وتكامل هذا اللون من الأدب الشعبي مع النصوص التاريخية وإبراز أهميته وقيمته في إغناء البحث التاريخي.
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 22h33.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd