لكِ الودُّ من روحي ،
لك الحُبُّ
من قلبي ،
وما ذاكِ إلاّ مُذْ مرورِكِ من قُرْبي
وخطوُكِ يكسو الصّخرَ
عُشبَ نَضَارةٍ
ويفرشُ أزهارَ الحنانِ
على التُّرْبِ
وفاحَ الشذى
من رُدْنِ ثوبِكِ عاصفاً
كزوبعةٍ هوجاءَ
تُؤْدِنُ بالهَبِّ
وأنتِ السَّنَى الدفّاقُ
في رونقِ الضُّحَى
وحلمُ نزولِ الغيث
في سنةِ الجَدْبِ
تلقّتْكِ غدرانُ الجفافِ بلهفةٍ
ليُمْرِعَ شوقُ الحقلِ
من مُهْجَةِ السُّحْبِ
تجيئنَ لي
يا مَرْحبا !
جَفّ مدمعي ،
ولستُ أبالي
لو مشيتِ على هُدْبي
وإلاّ على كَفَّيَّ ذَيْنِ
وإنّني
بسطتُهما قُدّامَ خَطْوِكِ في الدّرْبِ
أتيهُ على كلِّ البرايا
وأرتدي
على ثوبِ أفراحي
عَباءً من العُجْبِ
وأشربُ نَخْبَ الصَّحْبَ
كأساً رويّةً
وأفدي بروحي كلَّ من شَرِبوا نخبي
رويدَكِ !
هلاّ تُنعمين بنظرةٍ
تردُّ إليّ الصّحوَ
من سكْرةِ الحُبِّ
وإنْ تَبِعَتْها سَكْرةُ الموتِ
لم أقلْ:
سوى مرحباً بالموت في سَعَةِ الرّحْبِ
وما هَمّني مَنْ قالَ : ماتَ بنظرةٍ
فكمْ نظرةٍ قبلاً قضيتُ بها نَحْبي
ولكنَّ حُبِّي للحياةِ أعادني
ولولاهُ
غِبْتُ الدّهرَ في غَيْهَبِ الغَيْبِ
ولولا الهَوَى
ما غَرّدَ الطيرُ بُكْرَةً
ولا صَدَحَتْ
قُمْريّةُ الفَنَنِ الرَّطْبِ
ولولاهُ
ما غنَّى المُغْنِّي قصيدةً
ولا جادَتِ الأوتارُ لَحْناً لَدَى الضّرْبِ
ولولاهُ
ما ماجَ الخِضَمُّ بشوقِهِ
ولا النهرُ أفضى للملوحةِ بالعَذْبِ
ولولاهُ
ما سادَ النظامُ بأنجمٍ
وما صانَ مَسْراها التوازنُ في الجَذبِ
ولولاهُ
ما أوْرَى الزِّنادُ شرارةً
بضِغْثٍ إليهِ النارُ تُسرعُ بالشَّبِّ
ولولاكِ ما كانَ الهوى
ملءَ خاطري
يفيضُ به قلبي
ويطغَى على لُبّي
إذا عِشتُ فيهِ
بانَ موتي
وإنْ أثُبْ
إلى الموتِ
أخْلُدْ في الجِنانِ لَدَى رَبّي