رد: محاولة لشرح بعض الأغراض في القصائد المغناة بالأيكة الكلثومية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد شاكر محمود
ماشي يا أمل الغد ، لقد كتبتُ طلبك على الكومبيوتر ، وطلعت عيني في التشكيل ، وها أنا أنقلُهُ لكم ( جميعًا ) ، وراعيتُ أن يكونَ الشرحُ بسيطًا من أجلِكِ أنتِ :
بعدَ حينٍ يبدِّلُ الحُبُّ دارَا*والعصافيرُ تهجُرُ الأوكارَا وديارٌ كانتْ قديمًا ديارَا*سترانا كما نراهـا قِفارَا لابدّ من العودةِ إلى البداية : هذهِ ليلتي وحُلْمُ حياتي ... بينَ ماضٍ منَ الزَّمانِ وآتِ كأنَّما أرادَ الشاعرُ أنْ يقولَ : هذهِ الليلةُ ليلتي التي انتظرتُها كثيرًا ، إنّها تجسِّدُ كلُّ أحلامِ العمر ، ما تمنيْتُهُ في الماضي ، وما أتمنّاهُ للآتي / المُستقبل ثمَّ تأتي الصرخةُ للتنبيهِ : بعدَ حينٍ ....... ، سيتغيّرُ كلُّ شيءٍ ، وسوفَ ينتقلُ الحبُّ إلى آخرين ، وسيتحوّلُ كُلُّ ما في القِصّةِ إلى ذكرياتٍ ، عصافيرُ الشجنِ التي تزقزقُ حولنا ستهجُرُ أوكارَها / عشاشَها ويتحوّلُ هذا المكانُ الجميلُ إلى قفرٍ موحِش ، والديارُ ـ التي نحنُ فيها الآنَ ـ سيأتي عليها زمانٌ ( في المُستقبلِ ) فتصبِحُ قِفارًا وأطلالاً موحِشةً ، مثلما سنصبِحُ أيضًا في ذلكَ المُستقبلْ . والمساءُ الذي تهادَى إلينا*ثمَّ أصغَى والحُبُّ في مُقلَتَينا يبدأُ الشاعرُ المقطعَ بحرفِ الواو ، و" الواو " هنا ليست " واو العطف " ، ولكنها " واو الاستئناف " يأتي بعدهَا " مُبتدأ " ، فالمعطوفُ هنا المعاني وليس الألفاظ . المساءُ ( أوّلُ هذهِ الليلة ) جاءنا رقيقًا جميلاً هامِسًا ، وكأنّهُ جُزءٌ منَّا ، منَ القِصَّةِ ، يتهادَى ( على أطراف أصابعِهِ ) ، ثمَّ يُصْغِي ، أي يستمعُ بانتباهٍ واهتمام ، والحُبُّ في مُقلتينا ، أي واضحٌ ومرسومٌ في أعيُننا ويفسّرُ كلّ مشاعرِنا وما نحاولُ أنْ نخفيه. فادْنُ منِّي وخُذْ إليكَ حناني*ثمَّ أغْمِضْ عينيكَ حتَّى تراني ادْنُ ، فعلُ أمرٍ بمعنى : اقتَرِبْ ، لكنَّ الجمالَ كلَّهُ في الشطرِ الثاني : ثمَّ أغمِضْ عَيْنَيْكَ حتَّى تراني ، تراني بروحِكَ ومشاعركَ وكلِّ ما في وجدانِكَ ، أي يتمّ إلغاءُ وظيفةِ العينينِ ، وتكونُ الرؤيةُ بالمشاعرِ وحدَها ، وهي أعلى درجاتِ التوحّدِ والذّوبانْ.
في بحارٍ تئِنُّ فيها الرِّياحُ*ضاعَ فيها المِجدَافُ والمَلاَّحُ كناية عن صعوبةِ الظروفِ وقسوتِها ، وبالرّغم من ذلكَ جاءت هذهِ الصدفةُ التي ( أهدتِ الوجودَ إلينا ، وأتاحتْ لقاءَنا فالتقينا ) في وسطِ هذهِ الأمواجِ المتلاطمةِ ، وتحتَ هذهِ العواصفِ الشديدةِ التي من قوّتها وقسوتِها ، نسمعُ لها صوتًا كأنّهُ الأنينُ ، هذهِ / الظروف / البحار التي ضاعَ فيها المِجدافُ ،والملاحُ الخبيرُ بالبحرِ وتقلُّباتِهِ ، شاءَتْ لنا الصدفَةُ أن ننجو فيهِ ونلتقي . ربّ منْ أينَ للزمانِ صِباهُ*إن غَدَوْنا وصُبْحُهُ ومَسَاهُ تساؤلٌ في نهايةِ المطافِ : ربِّ ، أي : يا ربّي ، كيفَ نحتفِظُ بالزّمانِ ( أي عمرنا ) في حالةِ شبابٍ دائمٍ لا يشيبُ أبدًا ، أينَ لهُ ـ ولنا ـ أن يظلَّ هذا الرونقُ وهذهِ الحيويةُ فهذا الحبُّ ، لن يرى بعدنا من حداهُ ، أي ساقهُ وغنّى لهُ واعتنى بهِ كما تُساقُ الإبلُ في الصحراءِ فـ : نحنُ ليلُ الهوى ،،، ونحنُ ضُحاهُ !!!! ـــــــــــــــ أتمنّى أن يكونَ في ذلكَ ما يفي بالغرضِ ، وقد عملتُ برأي أستاذنا الفاضل إمحمد شعبان ، والباب مفتوحٌ لإضافاتكم ، وسأظلُّ منتظرًا أسئلةً جديدةً فبالفعلِ قد نثري هذا الموضوعَ بآرائنا المختلفة .