كعادتى كلما اضْطَجَعَ الأرق مقلتى فى غبش الليل ، أذهب وأشعل مدفأتى ،
ثم أجلس على كرسىَّ الهزّاز أسامر عزلتى _مع خفقات النار الراقصة التى
تدوى سكون الدجى طرباً بمسامعى ، تتوسل لى براعم الضوء المتوسدة خلف
نافذة حلمى ، أن أتحايل على الأرق فأعود لذات الرواية ربما ينسانى لحظة ،
أو يتركنى لأغرق فى سباتٍ عميق . أتلهف لنهاية تُربك خاطرى مَنْ يَدرى
فثمة حدث قد يُصيبها يقلب فصولها مِنْ جديد ، مازال الصراع قائماً بينهما
رغم حبهما المُستتروراء ستارة الكبرياء ، أصبحت لا أفهمه هل أخطأت
( أوفيليا ) عِندما أختبرت شعوره نحوها ، فما كان هدفها إلا لتتأكد مِنْ
صدق إحساسه بحب صادق تبحثُ عنه وإنها ليست فى حياته مُجرد أُنثى ،
غريب هوَ يتعذب ويحترق كلما اقترب أو ابتعد ، يعتريها ريب امتطى صهوة
مشاعرها ، يحثها على ترجمة شفرته لتعرف ما الذى أصاب قلبه ،ربما تلامس
قبس مِنْ روحه تحدثها تطمئنها عنه ، بعد أن أصبح عميقاً وبعيداً ، وبالرغم
مِنْ أن الضوء الأحمر نبهها أن هُناك تجاوز لحالتها إلا انها ومن دون أن تدرك
ذلك ، مضيت تبحث عنه فى نوى السحاب ، خلف انحناء الأقواس فى أروقه
اللامكان ، على قوارع الطرقات مابين الترح والفرح ، رأته فى حديقة غناء ،
يهصرأغصان تتدلى فيه _ ثم يترنح ويومئ برأسه إلى أفواف الزهور ليستنشق
كل العبير الذى يعيد لرئته الحياه ، بعدها يرتشف مِنْ رحيق رضابها المسموم
بأنفاس العابرين ما يروى ظمأ قلبه أنخابـا تسكر الروح ، أستوقفتها سريالية
هذا المشهد المروع الذى أزاح الغُبار العالق بملامحه فما هوَ سوى ظِلّ يجرى
وراءه الآلاف ينشدن لحن حزين ، عادت ( أوفيليا ) مُجدداً والقيح ينز مِن
فؤادها المجروح ، لتجد مُخالفة حررها الألم ،دفعها اياها ضريبة البحث والوعد
المسفوك _ طويتُ الصفحة بغتة مِن خفقات كادت أن تمزق أضلعى وتعوى
،أ َرْغَى الأنين لغصة ترمم فى حلقى تهدهدنى فى سبات غير مريح ، فقط لو
أننى لم أقصد ذلك الكتاب ..
تمــت ....