مذكرات مجنون تحف ونوادر
-(الملك فؤاد يهدد يوسف وهبي بحرمانه من الجنسية المصرية )-
ــــــــــــــــــــ
يهودي يمثل دور سيدنا محمد " صلي الله علية وسلم"
اطلعني أحد أصدقائي علي مصحف مخطوط في غاية الروعة والجمال فأخذت أقلب
صفحاته وأنا اعبر له عن اعجابي الشديد بخطه وزخرفته البديعة وتذهيبه الرائع ..
لكن بعد بضع صفحات في المصحف اصابتني صدمة كبيرة .. فالتفت نحوه وقلت :
- ده أنا افتكرته مصحف .. ده فيه رسومات ملونه ؟!
فأبتسم وقال :
- انا استغربت زيك في الاول .. في الاغلب المصحف ده شيعي .
كان رد فعلي طبيعي وانا اشاهد رسوما ملونة تمثل سيدنا محمد عليه افضل الصلاة
والسلام مع صحابته الاطهار .. فلا يجوز عندنا رسم الرسول الكريم (ص) باي شكل
من الاشكال، ولا ظهوره كذلك في مشهد سينمائي واحد ..
ويذكرني هذا بقصة التحذير الذي ارسله الملك فؤاد للممثل يوسف وهبي .. ولكي
نعرف السبب نعود بالتاريخ الي عام 1926 عندما حضر الي القاهرة الاديب التركي
وداد عرفي والدكتور ماركوس الذي قدمه ليوسف وهبي علي انه رسول عاهل تركيا
الرئيس اتاتورك ومستشاره الخاص، واخبره بأن ماركوس يمثل مؤسسة سينمائية
المانية شهيرة، وقد حصل علي موافقة الرئيس اتاتورك لانتاج فيلم اسلامي عن سيدنا
محمد (صلي الله عليه وسلم)، وستشارك تركيا في انتاجه، وسيكون أسم الفيلم "محمد
رسول الله"..
أكد وداد عرفي ليوسف وهبي ان لجنة كبار علماء الاسلام في استانبول قد وافقت
علي تصوير الفيلم، وطلب منه مجموعة من الصور الفوتوغرافية في تعبيرات
مختلفة حتي يتم وضع تصور لمدي صلاحيته لتأدية الدور من عدمه، وكان يتنافس
مع يوسف وهبي في القيام بهذا الدور مجموعة كبيرة من الفنانين العالميين مثل "اميل
جاننجز" و "دي ماكس" و "مانسون لانج" وغيرهم .
لكن اختيار الشركة وقع علي يوسف وهبي للقيام بهذا الدور العظيم نظرا لانه عربي
مسلم وهو أفضل من اي فنان اخر للقيام بهذا الدور، وأرسل الدكتور ماركوس برقية
من المانيا الي الكاتب وداد عرفي يقول فيها :
"فاز الممثل المصري يوسف وهبي في
المبارة ووقع اختيار هيئة التحكيم عليه.
بلغه التهاني - العقد ارسل بالبريد
كان يوسف وهبي يعرف تماما ما سيحدثه قبوله بهذا العمل من ثورة ضده لذلك أرسل
خطابا تم نشره في جريدة الأهرام يوم 24 مايو 1926 كان يقول فيه :
" سادتي .. اتقدم اليكم بصفتي ممثلا طالبا النصيحة والارشاد أن تدلوني علي السبيل
القويم الذي يجدر بي ان اسلكه.. منذ شهر ارسل لي الاستاذ وداد عرفي الكاتب
التركي المعروف الذي هبط ارض مصر ومندوب شركة ماركوس السينما توغرافية
وطلب مني مقابلته حيث مني الاستاذ وداد بك ان اهديه بعض صوري الفوتوغرافية
ففعلت وسافر الي باريس وبعد ذلك وصل الي القاهرة جناب الدكتور ماركوس
رئيس الشركة وطلب مقابلتي وقال لي بان الشركة قد وقع اختيارها عليك لتمثيل دور
البطولة وعرض علي شروطه وبعد مناقشته قبلتها وبادرني قائلا : سنبدأ بعمل تاريخ
سيدنا محمد (ص) وسألته عما يعني فاجابني نريد أن نصور هذا الرجل العظيم، واذا
رفضت القيام بهذا الدور فيلعبه اجنبي غيرك لا يعلم عن الدين الاسلامي حرفا .. هذه
قصة المشروع يا سادتي والان ما رأيكم أن امثل هذه الشرائط
.. يمكن منعها من الدخول في البلاد الاسلامية ولكن لا أظنكم تستطيعون منعها في
البلاد الاجنبية .. وهنا تكون الطامة .. أم ندع القوم يعبثون بنا ويمسخون الحقيقة
وليعلم اخواني المصريون أن شعاري هو "ديني قبل كل شئ"
امضاء
يوسف وهبي
بعد ايام ارسلت السفارة الالمانية ليوسف وهبي تطلب منه الحضور لتوقيع عقد
الفيلم، وبلغ اجره في الفيلم عشرة الاف جنيه، في الحقيقة كان عرضا مغريا لذلك
ذهب يوسف وهبي الي السفارة ووقع التعاقد ثم اعلن نبأ قيامه ببطولة الفيلم ..
قامت الدنيا علي يوسف وهبي، وثارت مشايخ الازهر وطلبوا من الحكومة المصرية
منع شركة ماركوس من انتاج هذا الفيلم بالتخاطب مع حكومة المانيا .. كما ارسل
شيخ الازهر خطابا الي وزارة الداخلية .. فأصدرت وزارة الداخلية بيانا جاء فيه :
ردا علي خطاب فضيلتكم المؤرخ في 18 من مايو 1926 بخصوص تمثيل رواية
سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام نفيد باننا استحضرنا الاستاذ يوسف وهبي وطلبنا
منه العدول عن تمثيل الرواية فقبل وسيعلن ذلك في الصحف وستتخذ الحكومة
المصرية الاجراءات لمنع اخراج تلك الرواية ..
لم ينتهي الامر عند هذا الحد بل ان الملك فؤاد غضب وارسل تحذيرا شديد اللهجة
الي يوسف وهبي يهدده فيه بنفيه وحرمانه من الجنسية المصرية اذا مثل هذا الدور
كما اصدر شيخ الازهر فتوي بتحريم تصوير الرسل والانبياء والصحابة الكرام ..
فما كان من يوسف وهبي الا أن رفض الدور واعلن ذلك في الصحف وقال :
ارفض تمثيل هذا الدور عن طيب خاطر حتي ولو كنت سأجني من ورائه المال
الطائل وليعلم اخواني المصريون أن شعاري الدين قبل أي شئ ..
وكل ما حدث لم يمنع الشركة الالمانية من انتاج الفيلم والعجيب أن من قام بتمثيل دور
نبينا الكريم كان ممثلا يهوديا.
عمرو الخربوطلي
رد: ما نشر في الصحف من مذكرات مجنون تحف ..
العرض الشجري