قد يحلو للقاريء ، أن يُعَجِّل بتفسير الرموز التي تكتنفُ العَمَل ،، رغبة ً منه في إجلاءِ الغموض و الإبهام ،، و كأنَّ النـَّصَ " لغز ٌ " ،، و عليه أن يفكَ طلاسِمه ، أو يقعَ على مفاتيحه ،،
النصّ الذي يعتمدُ الرمز ، و الذي يُمكن للضمير الجَمعي أن يُحيلَ دلالاته إلى مفاهيم مشتركة ، هو نصٌّ يعتمدُ خِطاباً غير مباشرٍ ، غير أنه يمنح القاريءَ " طوعاً " مفاتيحَ الاستدلالِ على رموزه و دلالاتِه ، مما يجعل الرمزَ يقفُ عند مستوى " أُحادي " ، و لا يقبلُ إلا تفسيراً بعينه ، و حين يكون الحال هكذا ، يفقد الرمز ثراءَه و زخمَه ، الذي يجب أن يحتملَ أكثرَ من تأويل ،،
و قصة " القطار " رغم ترميزِها ، إلا أن أفقَ الرمز فيها ، مفتوحٌ على أفق ٍ لا محدودٍ من التخمينات :
الملل : أهو المعادل الموضوعي للعُمرِ و تجربةِ الحياة ؟! ،، أم ضلال البصيرة ؟! ،،
صندوق خشبي بائس : أهُوَ متاع الدنيا " البائس " ،، أم فقر " الرؤية الثاقبة " ؟!
بائع المياه الغازية : أهُوَ النفعية المباشرة ، أم السعى البغيضِ و الكَبَد !
الرجل الغريب المظهر : الحكيم / المتصوف / الرائي !
القطار : الموت / أم الحياة التي تمضي في اتجاهٍ واحد " من الميلاد إلى الموت " !
و المحطات ، أهِي ميقات الموت لمن اختار لهم القدر محطتهم !
القطار يستقله أناسٌ ، و يهبط آخرون ،، و الموت السرمدي ليس كذلك ، ثم لم لا يكون القطار " حالة صوفية ، أو تجربة وِجدانية " ، إنتقلت فيها النفسُ من محطةِ الأرضيينَ " مِلح الأرض " إلى مرحلةٍ من مراحل الإرتقاءِ الروحي !
الشيخ العجوز " وصلَ إلى محطته الأخيرة " : الموت ، أم الحِكمة ، أم المعرفة !
سائق القطار : عزرائيل ؟! ،، أم هو الحتميّة القـَدَريّة الصارِمة التي لا تـَحيدُ عن مسارِ قضيبينِ متوازيينِ ؟!
أم هو " سلطة الشرّ " ، التي تقودُ " صيرورةَ الحياة " !