يقول الشيخ العارف باللّه ، الإمام المحققّق ، أبو العبّاس سيّدي أحمد بن عجيبة الحسني المغربي رضي اللّه عنه في تفسيره الإشاري " البحر المديد في تفسير القرآن المجيد " مفسّرا بطريق الإشارة قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون أيّاما معدودات " .. كتب عليكم الصّيام عن الحظـوظ و الشّهوات كما كتب على من سلك الطّريق قبلكم من العارفين الثقات في أيّـــــام المجاهدة و الرّياضات حتّى تنزلوا بساحة حضرة المشاهدات ، لعلّكم تتّقون شهود الكائنـــــــــات و يكشف لكم عن أسرار الذّات ... فمن كان في ما سلف من أيّام عمره مريضا بحبّ الهوى أو على سفر في طلب الدّنيا فليبادر بتلافي ما ضاع في أيّام أخر ، و على الأقوياء الّذين يطيقون هذا الصّيام ، إطعام الضّعفاء من قوت اليقين و معرفة ربّ العالمين . فمن تطوّع خيرا بإرشاد العباد إلى ما يقوّي يقينهم و يرفع هممهم فهو خير له ... و أن تدوموا أيّها الأقوياء على صومكم عن شهود السّوى و عن مخالطة الحسّ بعد التّمكين فهو خير لكم و أسلم إن كنتم تعلمون ما في مخالطة الحسّ من تفريق القلب و توهين الهمم في وقت هذا الصّيام بتحقّق وحي الفهم و الإلهام ، و ترادف الأنوار و سواطع العرفان... فمن شهد هذا فليصم على صيامه ، و من لم يقدر عليه فليبك على نفسه في تضييع أيّامه ..
__________________
" الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون "