شاركَ الجميعُ في مناقشاتٍ متعددة و متشعبة و متفرعة و مُتباينة ، و جرى الحوارُ ثنائياً و ثلاثياً و رباعياً ، كأنما أوركسترا ، يعزفُ فيها كل عازفٍ على هواه ،، ، ثم حين يتحدث د. ثروت أو د. حسن أو د. أنس ، نعود لننتظم في إيقاعٍ واحد ..
الحوار بيننا ، كان يشبه الخطوط على أوراق الشجَر ، لا يمضي في خطوطٍ مستقيمة ، و إنما يتعَرَّجُ و يتقاطعُ و يتشققُ ، ليشكلَ في نهايةِ الأمرِ ، لوحة تشكيليّة ، تشبه تِلقائيّة الطبيعة و عَفـَويتها ..
إلى أن جلس عمنا محمد الآلاتي " علىَ قرافيصِه " ، ليعطينا محاضرة قـَيّمة ، عن مفهوم " الإيقاع " في الموسيقى
صَمتنا جميعاً ، و كأنَّ على رؤوسِنا الطـّير ، حين شـَرَع الآلاتي في الشرح ، فتحدثَ عن الإيقاع ، و كيفية قراءة النوتة الموسيقية ، و عائلة الآلات الأوركستراليّة ،،
و رغم احتواءِ الشرحِ على مصطلحاتٍ ، و أرقامٍ ، و تقنياتٍ فنيّة ، إلا أن بساطة الشرحِ ، و سلاسة التفسير ، قد جعلاني أفهمُ ما استغـْلـَقَ على عقلي المُرهَق ..
المدهش ، أن ياسين " أبو فارِس " ، كانَ " يؤاجـِرُ " عمنا الآلاتي ، في تـَتِمّةِ بعضِ المصطلحات و أسماء المقامات ، فأدركتُ أنه " يُذاكِر " مِن وَرَانا
ـ الأمرُ الوحيد الذي غـَلـَبَ على مناقشاتِنا الثريّة ، هو " المشروباتُ " مُثـَلـَّجها و ساخِنـُها ، فتدفـَّقت الأكوابُ من كافةِ الأحجامِ و الأشكال ،، و ساعدت حرارة الجَوِّ ، على القضاءِ على كل ما تحتويه " الثلاجة " من مشروبات ـ ..