( 3 )
 
 
 
" يهجرها " ، و هي تعشقه ،، 
و بين هجره و عشقها ، يتنازعها نقيضان : 
كبرياؤها ، و استسلامها ،، قوتها ، و ضعفها ،، 
إنها تتساءَل : ماذا أقول له ، لو ...
و القصيدة ، تخرج من رَحِم هذا الصراع : 
 
قرارٌ " حائرٌ و مستغيث " : غداً ، إذا جاء أعطيه رسائله ،، 
 
و لنتأمل ، كيف قيلت " إذا جاء أعطيه رسائِله " ، 
أليس صراخاً مُعَذَّباً ، و استغاثة ً منه ، به ؟!
 
ثم تلك الحسرة ، في : و نطعم النارَ أحلى ما كتبناه !
 
 
حبيبتي ! هل أنا حقاً حبيبته ؟! 
سؤال استنكاريٌ ، لكنه لا يحسم إجابة ً بعينها في صراعها النفسي ،، 
هي تودُّ لو ارتاحت لقرار عقلي ،، و لكنها تعود بذاكرتها إلى " رموزه " التي تركت أثرها و علاماتِها في الوجدان ، و لم تبرحه لحظة :
 
" ربـّاهُ ، أشياؤه الصغرى تعذبني ... فكيف أنجو من الأشياءِ ، رَبــّاهُ "
 
نزار ، شاعرٌ ، لا يترك شهوة نيران خيال المُتلقي ، بلا حطب !
فـ " أشياؤه الصغرى " مادية محسوسة : 
 
هنا جريدته في الركنِ .... هنا كتابٌ .... على المقاعد بعضٌ من سجائِرِه ... و في الزوايا ، بقايا من بقاياهُ 
 
كيف قيلت " شجَناً و شجوناً " ؟! .. 
كيف جَسَّد " عَبد الوهاب " هذه الحيرة و هذا العذاب ،
بين " رَبـّاهُ " التي تختم بها تأملاتِها ، فيما يشبه " الإستنجاد " بالله من هذا العذاب الذي يفترسها بلا رحمة ، و بين " هنا جريدته "
نلاحظ مع " هنا جريدته " ، شعوراً يتـَّقدُ رويداً رويداً ، يشبه بزوغَ شمسٍ أو فـَوَرانَ جـِعة !
 
هذا تصاعد " كريشندو " ، أهاجَ وجدانها ، و استنفـَرَهُ :
" أشياؤه الصغرى و الكبرى " ،فرفعها إلى ذروة الشعور ،، 
....
 
لنتأمل هذا الفاصل الأدائي ، الذي لا تتخلله موسيقى ، بين : ربــَاهُ " الثانية " / هنا جريدته !
 
الراصدُ لهذا الفاصل ، يستطيع أن يتعرفَ بسهولةٍ ، على كيفية اهتزاز الشعور الذي يسبق طفرة َ/ طوفان البكاء ، فيما يشبه الإنهيار
 
و استشعروا ، ما تقوله " الكمانات " مواكبة ً لهذا التذكر الشديد الحساسية ، بالضبط بعد : " كنا قرأناهُ "
 
.....
 
ليس انهياراً و حسب ، بل استسلامٌ لا إراديٌ لمشيئة " العِشق " :
 
ما لي أحدق في المرآةِ ، أسألها .. بأىّ ثوب ٍ من الأثوابِ ألقاهُ 
 
....
 
و يأتي هذا البيت ، الذي يغردُ في سِربٍ وحده :
 
الحب في الأرض بعض من تخيلنا .. لو لم نجده عليها ، لاخترعناهُ
 
 
هذا البيت " الحِكمة " ، يطفو على سطحِ المأساة ، مأساة الحيرة و التساؤلات و الصراع ، ليحسم القرار ، و يحتضن انفعالاتِ القصيدة جميعها ، فكل تلك المشاعر الحائرة ، يظللها هذا المفهوم " القـَطعي " ، و الذي لا يحتملُ تأويلاً 
 
ثم تـُحسَمُ هذه البلبلةِ و الحيرة ، بحكمةٍ أخري ، في تساؤل ٍ استنكاري، لا يحتمل سوى الإجابةِ ب " لا " :
 
هل يملك النهرُ ، تغييراً لمجراهُ ؟!
 
فالحب ، حتمية بشرية ،، و لو لم يكن وجوده متحققاً بالفِطرةِ ، لأوجدناهُ " اختراعاً " ! 
 
و الحب ، قـَدَرٌ لا يخضع لإرادة الإنسان !
		 
		
		
		
		
		
		
			
				__________________
				شاء اللي شاء ،، و اللي داء ،، مِـن وَردِة الشـِّفة
نـَـهَـل نـبـيـذ لاِشـْـتِيـاء ،، نهـــرِين ،، و لـَم كـَـفـَّىَ
شـَـهَـقْ شـُعاع خِصرَهَا ،، سَرْسِـب نـَدَى مَصْهـور
وِ فْ كلّ سَـرسوب شُـعاع ،، مَـلايكة مُصْـطـَـفـَّــة
يا تـراب و مخلوط بماء ،، إزاى غـَوِيـت النـُّـــور
يـِفـُــــــــــور علـى سِحــرَها ،، و فِــيها يـِتخـَـفـَّـىَ
 
كمال