رد: قطرات من مداد قلم الشاعر السمعجي كمال عبد الرحمن
( 3 )
أخذنا نتحدث معا ً كما لو كنا أصدقاء منذ زمن طويل ..
و كان ( صاحب الكلمة ) هو الدكتور أسامة ..
متحدث لبق ، يتكلم و كأنه يقرأ من كتاب ، تختلط بعض الكلمات الإنجليزية بعاميته ، و ينطقها بلكنتها الصحيحة
كِيان ( محتشد ) بالمعرفة ، ( متخم ) بالمصطلحات ، عيونٌ بدت لامعة ً تحت ( عويناتها ) تمتزج فيها الدهشة بالسخرية ، وإبتسامة مستنكِرة ،
لا تفارق وجهه ، يتحدث كأنما أوشك على اليقين !
تحدث عن الإسلام الثوري ، أسهب في إبن تيمية ، قراقوش ، د. محمود شاكر ، اصول اللغات ، التراث الغنائي ، حتى السينما الثورية في الغرب ، تناولها كمتخصص !
إنه مثقف حقيقي ، و يحمل هموما حقيقية ، لم يتوقف عند حد القراءة ،
بل تأمَّلَ و حَلل و قارن و كاد يوقن ..كنا نصغي إليه منبهرين .. موضوعات مترابطة ، و تاريخ يفضي إلى بعضه البعض ، كل حديث له مدعم بالمعلومات و الأسماء و الوقائع ،
كيف تسنـَّى له الوقت !! .. كيف تحلـَّى بهذه الذاكرة الحديدية !!
حيال هذا الرجل ، ليست لك حيلة إلا الإصغاء ، فهو يدل على الأسرار !!
و جاءني صوت أبو حسام هامسا ً .. ( الناس الجامدة دي الواحد يسمع لها كويس ، و يستفيد منها .. أتعرفُ أنه أحد الذين استعان بهم الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته اليهود و اليهودية و الصهيونية ؟! )
لاحظت غياب الأستاذ سيد المشاعلي ، و الدكتور أدهم عثمان ، و اللذين بشرني بمقابلتهما الأستاذ غازي ..
مِلتُ على غازي متسائلا ً.. أين الأستاذ سيد ، و الدكتور أدهم ؟! فأخبرني أنهما مريضان ، و اعتذرا عن عدم الحضور ..
تمنيت لو اكتملت الصحبة بهما .. فالدكتور أدهم كانت لي معه مداعبات تخص ( محذوفاته ) ، و الأستاذ سيد أحمل له تقديرا كبيرا ، من متابعتي لمداخلاته الراقية المثقفة الموضوعية .. و تمنيت لهما الشفاء
في تلك الأثناء ، حضر رجل لا أعرفه ،
عضو معروف ، و ملامح ُ أجهلها ، كان غازي ( كالعادة ) أول من تلقـَّى سلامَهُ الحار ، و تصاعدت الأصوات في فرحة غامرة ..
المهندس محمد علي ..( قناديلي ) ..سَرَت فرحة غامرة في أوصالي ..
فقنديل بالذات ، له موقعه المتسامي في مزاجي السمعي ،و هذا الرجل ، هو المتحدث الرسمي باسم الراحل العظيم ، و المحافظ على تراثه الخالد
محبة تلقائية انطلقت تجاه المهندس محمد علي من الجميع ، رجل دمث الخلق ، جم التأدب .. ، و ابتسامة حميمية و متواضعة تنطلق من وجهه ، كلامه ( بالميزان ).. و إذا تحدث ، فلا يخرج عن سياق الموضوع ..