مدفن الذكريات
ارى في الافق مزرعة على البعد
تلـوح كقبة خضراء في سهل من الورد
ورغم حرارة الشمس!
أحس بفيئها الممتد منقوشا على جلدي!
ارى في الافق مزرعة يسيجها هدوء الموت
ويحرسها هبوب الريح،والاعصار والبرد!
بعيد كل ما فيها ، قريب دفئها والبرد من نبضي
فيا قلبي هلم بنا نسير لدوحة الوجد!
تعال نعاتب الاحزان! نسألها وتسألنا!
لعل معاول الايام تهدمها وتهدمنا!!
وانا على هذه الحالة من الدهشة والاستغراب، مستغرقا في ثنايا نفسي، اراجع في ذاكرتي صدى الايام واللحظات الماضية من عمري، مستغربا من هذا الجمال المهيب. انه امر يبعث على الريبة والخوف! هل علمتم ان جمالا يذهب الابصار، ويذهل العقول... يتسرب خوفا مقلقا الى النفس.
ارى من بعيد رجلا يسير بخطى مثقلة. يحمل فوق كاهلة معولا، وفأسا. يرتدي زيا باليا..
يسير دون انقطاع.. انساني المزرعة وجمالها فتبعته مستغربا من امره.
وعلى الرغم من انه يسير بهدوء الا اني لا اكاد الحق به...
ارى في الافق مزرعة واسمع من هناك صراخ طفل
يئن بصوته المخنوق مزقه لهيب الشمس والظل!!!
كان الرجل يسير دون انقطاع.. لا يلتفت الى الخلف، ويحمل فأسه ومعوله. ثم رأيته توقف! فتوقفت!
وبدأ يحفر الارض، يحفر.. ويحفر.. حتى كاد يختفي! ولم اعد ارى الا التراب يعلو من حفرته.. يرتفع ويرتفع..حتى طغى على المكان.. فتلاشت اشجاره، وازهاره وصارت تلك المزرعة الغناء قاحلة مجدبة.. ومات صوت الطفل..
واقتربت من القبر الذي كان الرجل يحفره.. فلم اجده هناك!
ووجدتني مسجا في اسفل القبر.. وعلى شاهده هذه الكلمات:
احب الموت اكره ذكرياتي
واهرب من حياتي في حياتي
اكذب خافقي واقول يهذي
لعمرك طالما يهذي فؤادي
وابصر طيفها واقول مالي؟
اهذا الطيف حقا ذكرياتي؟
سأكتب من بقايا الشوق شعرا
تغنيه القيان على رفاتي...
أرى في الافق مزرعة على البعد! تحول سحرها قبرا لبعض الشوق والسهد!!
ح.ح.