هذا التسجيل منقول عن قناة النيل الثقافية في شهر ديسمبر من سنة 2004.
في الملف الأول يروي ناجي حبشي تفاصيل إحرازه على الدرجة الأولى في مسابقة إلتحاقه بالأركستر السمفوني في أوروبا، وذلك بالرغم من المنافسة الكبيرة بين المتبارين، مع تباين تقاليد هذه الموسيقى ولغتها عمّا هو متداول بالوطن العربي.
وكردّ على رواية سيادة الرّئيس والتي تفيد بأن الفنان غادر بلاده قائلا: "أهي أول وآخر مرة"، تأتي كلمات ناجي الحبشي في بقية الملف الأول لتبين صعوبة تنشأة عازف عربي بهذه المكانة، وأن هذا النجاح ليس من السهل تكراره في كل حين. كما يضيف بأن الخسارة من هجرة هذه الكفاءات تقع على الوطن والمواطن العربي.
الله عليك يا ابا سالم
هذه فعلا إضافة جميلة وفريدة منك بخصوص ناجي الحبشي العازف العربي الفذّ
واراهن على وجود مثل هذا الملف عل النات
وهذا سبق عظيم لمنتدانا العزيز
وياريت تواصل على هذا النسق
وترفع لنا بعض الملفات لعازفين عرب تميزوا عالميا -إن كان بالامكان طبعا-على غرار عازف الكمان التونسي "محمد مقني"
اخوك شكيب الفرياني
بحوزتي مقال حول النجمي السكري يا أخ شكيب وسأعمل على تصويره بالماسح الضوئي ورفعه بمجلس العلوم في المستقبل القريب بحول اللّه لكي يكون مكمّلا لحوارنا هذا، مع أطيب التّحيّة...
يتحدث ناجي حبشي في الملف الثاني عن الإختلاف في التعامل مع الموسيقى في وطننا العربي وبين العالم الغربي، إذ يركز هؤلاء على أبسط التفاصيل التي تجعل إمكانيات الإبداع مُتيسّرة من خلالها، وهو ما نفتقده في واقعنا الحالي حسب رأيه. كما يصف أوضاعنا في الإقبال على الفن الموسيقي والتي يرى بأنها مُختلفة في الغرب: إذ يكون التركيز والتأمل من أبرز خاصيات المُتلقي لديهم... نقاط مثيرة للنّقاش...
من المؤسف فعلا ان يتحدث ناجي الحبشي بكل تلك المرارة وبكل تلك الخيبة ولكنه ربما يتحمل البعض من المسؤولية إذ من واجب الفنان ايضا ان يعرف بنفسه ويناضل من اجل فنه .
طبعا ما ذهب اليه من مقارنات بين رؤية الغربيين والعرب للموسيقى والموسيقيين صحيحة لكني ارى فيها بعض المبالغة وعلى الاقل يمكن القول ان الجمهور العربي تحسن وعيه بالموسيقى الالية في السنوات الاخيرة واصبح يقبل عليها اكثر من ذي قبل
أتحفّظ يا أخي شكيب على مقولة أن"الجمهور" العربي حصل لديه هذا التحسن على مستوى الوعي بالموسيقى الآلية، فينبغي الحديث بالتالي عن "النخبة" التي صارت تهتم بهذا الجانب وليس "الجمهور" ومن ضمن هذه النخبة طلبة الموسيقى وفئة صغيرة من الهواة والمتابعين للنشاط الفني. ويمكن أنتلاحظ هذا في قسم الموسيقى الآلية ومقارنته ببقية أقسام المنتدى ومقارنة عدد المشاهدات بينها، هذا بالرغم من أن المنخرطين في المنتدى أكثرهم من هواة الموسيقى والطرب فما بالك بخارج المنتدى على مستوى المواطن العربي العادي؟
أما مسألة تضحية الفنان من أجل فنّه فهي بلا شك حاصلة وإلا لما بلغ هذا المستوى والذي يتطلّب الكثير من الجهد والوقت، غير أن القرار بالظهور والتعريف بحصيلته الفنية هي ليست دائما بين يديه وليس له في هذا خيارات كبيرة وتبقى هذه الخيارات بين أيدي منظمي العروض الموسيقية ووسائل الإعلام والمؤسسات التربوية وتوجّهات البلدان العربية وخياراتها تُجاه جانب الإحتراف الموسيقي وإمكانيات دعمه...
يتطرق ناجي الحبشي في الملف الثالث إلى مسألة التطوّر والتعمّق في الأنماط الموسيقية التي تختلف عما هو متداول بالموسيقى الخفيفة والتي يتعاطى معها المتلقي بشيء من السطحيّة، إذ بإمكانه الإستماع لأحد الأغاني وهو منشغل بالحديث وغير ذلك بخلاف "الموسيقى العالمية" التي تستدعي التركيز التام والتفاعل معها بكل الجوارح. وهنا يستعمل الفنان هذا المصطلح وهو مثار جدل بين الباحثين الموسيقيين، إذ أن الموسيقى لغة محلّية والأنظمة الموسيقية متعددة ومع أن بها كثير من مواطن الإلتقاء فبها كذلك إختلافات جذريّة لا يُمكن التغاضي عنها. ولعلّه يقصد بعالميّة الموسيقى رواج تقنيات الموسيقى الأوروبية وتبني العديد من موسيقيي مختلف الأقطار لهذه التقنيات وذلك لأسباب عدّة منها هيمنة العالم الغربي على العديد من الثّقافات مما فرض حركة المثاقفة هذه عليها، كذلك التطور الكبير الذي شهدته هذه الموسيقى مما دفع الكثيرين إلى محاولة إنشاء توجّهات قومية في هذا النمط السمفوني والذي من ابرز سماته التعدّدية الصوتية وتقنيات التّوزيع الآلي وإستغلال أجراس مختلف آلات الأركستر السمفوني، وهذه الظاهرة إن لم تكتسح كل الممارسات في عالمنا العربي إلا أنها أثرت في حدّها الأدنى على محاكات تركيبة الفرق الكبيرة بعد أن كانت ظاهرة التخت العربي أو الجالغي البغدادي أوالجوق المغاربي محدود الآلات هو السائد ...
يُبيّن ناجي حبشي في الملف الرابع نوعيّة الموسيقى البوليفونيّة التي يُمكن للمُستمع المصري إستيعابها والتّفاعل معها (وهذا ينطبق على المُستمع العربي عموما) ويشترط أن تكون ميزتها لحنيّة غير معقّدة ومُنسجمة مع وجدان العربي الذي ينحو نحو الرومانسية والعاطفة. ثم يتطرّق إلى أهمية التشيلو وعدم توظيفه في الموسيقى العربية بكل ما يمتلك من إمكانيات وشروط العازف على هذه الآلة والخصائص التي يجب أن يتحلّى بها...
ما أجمل أن يكون الموسيقي وخاصّة المتمكّن والمشهور مثالا يحتذى في الثقافة والفكر والوعي بفنّه ومجتمعه وواقعه
في كل ملفّ من هذه الملفات لناجي الحبشي يا أخ أبو سالم دلائل على أنّ هذا العازف من طينة الكبار بعزفه وشخصيته وفلسفته
ومع كلّ هذا وأكثر يظل أستاذ ُُ في حجمه مقصّر بعض الشيء في عدم إشعاعه على وطنه وأبنائه ومحاولة التغلّب على النقائص والهنات التّي ذكرها على قدر استطاعته ومن موقعه
وتلك في نظري الرسالة الكبرى المنوطة بعهدته وأمثاله من الفنّانين والعلماء والعباقرة
ألم يتحدّث عن باخ وبيتهوفن ؟
كلّنا نعلم كيف أثّر هؤلاء في الأوروبيين وقادوهم رويدا رويدا إلى التقدّم والرقيّ الذيّ يتحدثّ عنه الأستاذ "حبشي" اليوم.
أم أنّه مكتوب علينا أن نتقاذف الكرة ونحاجّ بعضنا البعض ؟