أحوال الجواري وأخبارهن
ذكاء الجارية
قيل : خرج ابن زياد في فوارس فلقوا رجلاً ومعه جارية لم يُرَ مثلها في الحُسن , فصاحوا به: خلِّ عنها , وكان معه قوس فرمى أحدهم فهابوا الإقدام عليه , فعاد ليرمي فانقطع الوتر , فهجموا عليه وأخذوا الجارية , وأشتغلوا عنه بالجارية ومد بعضهم يده إلى أذنها وفيها قُرطٌ , وفي القرط درَّةٌ يتيمة لها قيمة عظيمة , فقالت : وما قدر هذه الدرَّة إنكم لو رأيتم ما في قلنسوته من الدر لاستحقرتم هذه .فتركوها واتّبعوه وقالوا له : ألقِ ما في قلنسوتك , وكان فيها وترٌ قد أعدَّه فنسيه من الدَّهش .فلما ذكره ركَّبه في القوس ورجع إلى القوم فولَّى القوم هاربين وخلَّوا الجارية .
**
زدتَ فيه جمالاً
لمَّا قدمَ المُعتضدُ من الشام دخلت عليه بِدعة (إحدى الجواري) في أوَّل يومٍ جلس فية , فقال لها : يا بِدعةُ أما ترينَ الشيب كيف أشتعل في لحيتي ورأسي ؟
فقالت له : يا سيِّدي عمَّرك اللهُ أبداً حتى ترى وُلدَ ولدكَ قد شابوا, فأنت في الشيب أحسنُ من القمر :
وفكرت طويلاً حتّى قالت :
ما ضَّرك الشيبُ شيئاً ....بلْ زِدتَ فيهِ جَمالا
قــد هذَّبــتكَ اللــيالـي ....وزدتَ فـيها كَــمالا
فعشْ لــنا في سُرورٍ ....وانْــعمْ بعيشكَ بــالا
فــي نعــمةٍ وسُرورٍ ....ودَوْلـــةٍ تــتعــالَـــى
**