لعلمك .. موسيقى الشِعر يسيرة للغاية ، فقط لمن يملك أذنا ً تستطيع تمييز الإيقاع .. و أعتبرُ نفسي من المحظوظين ، حيث كنت أدرك ( سماعيا ) الأوزان الصحيحة من المكسورة ، قبل أن أدرس هذا العلم ، ثم أ ُدَرِّسُه بعد ذلك ..
فمن خلال قصر الثقافة ، كانت لي محاضرة أسبوعية لتدريس علم العَروض ، و رغم أن المستهدف بالدروس كان أعضاء نادي الأدب ، إلا أنني فوجئت بطلبة و طالبات كليتى آداب و تربية ( لغة عربية ) ، و الذين كانوا يرسبون في مادة ( العَروض ) ، قد تنادوا لحضور تلك الدروس ..
و لأني مُتيم بموسيقي الشِعر ، فكنت أتعامل مع وجدان الطلبة و حاسة السمع لديهم ، مُنـَحِّيا ً الجانب الأكاديمي الجاف ، فكنا ( نُغنِّي ) البحر ، ثم أطلب منهم قبيل الإنصراف من الدرس ، أن يتوجهوا إلى بيوتهم سيرا ً و هم يرددون ( التفعيلة ) مع كل خطوة يخطونها .. فمثلا ً ، اليوم المخصص لبحر الرجز ، يرددون مع كل خطوة ( مستفعلن ) .. و طبعا بعد تعريفهم ( الأسباب و الأوتاد و الفواصل ) .. و الحمد لله ، إجتازوا جميعا المادة التي كانوا يعتقدون أنها معقدة ..
موسيقى الشِعر متعة ليست عَصيَّة على أمثالك يا دكتور .. و أنت رجل كوني ..
و الكون كله إيقاعات .. و الإيقاع هو حركة في الزمن .. دقات القلب ، حركة الكواكب ، الذرة فالنواة و البروتون و الالكترون ..
فليس في الكون ما هو ( ساكن ) !
الوجود كله يتحرك في إيقاعات متفاوتة زمنيا ، و متوافقة كونيا ً .. سبحان الله .. فكأنما نطوف جميعا حول جوهر واحد
و حتى الشطرنج ( إيقاع ) ، وإن كان ذهنيا ً مجردا ً ، و لو أن كل حركة من الخصمين ( في المباريات الإبداعية ) ، تم تحويلها إلى إيقاع موسيقي ،
فربما خرجنا بمقطوعة فذة تفوق كونشيرتو البيانو لتشايكوفسكي ، أو تفوق التوسكاتا لباخ، أو الدانوب الأزرق لأخونا يوهان شتراوس ( أحتفظ لنفسي بحق الإختراع )
و يا ريت ترسل هذا الدور الفذ مع توبالوف ، و (سأستعين بصديق ) أعتبره
على شفا العبقرية في الشطرنج ( إسمه سعد العزالي ) ، و حاصل على بطولات في اللعبة ..