بالطبع يتسع صدري لكل ما يأتي من نفحات بيتكم المعطر بالمحبة و الود و التفاني ..
سيدتي .. نعم ، شكلا يمكن تسميته بالشعر الحُر ، و هو ملتزم بأوزان الخليل ابن أحمد الفراهيدي ، فقصيدتي تلك من بحر المتدارك ، الذي يبدأ بسبب خفيف ، ثم وتد مجموع ، و لأنها تكتب على ما يسمى ( السطر الشعري )
و ليس ( البيت ) لكونها غير عمودية ، فإن كل سطر ، يُفضي عروضيا
إلى ما يليه ، فإذا كان المتدارك ( فاعلن ) ، و انتهى السطر وزنا ً عند ( فا ) ، فإن السطر التالي يبدأ بالتفعيلة ( علن فا ) ، فيراها من يبدأ قراءة السطر على هذا النحو ، من بحر المتقارب .. فالقصيدة موزونة يا سيدتي ، و الشعر الذي لا يلتزم بالاوزان ، هو واحد من إتجاهات ( الحداثة ) و لي تحفظات عليه ، لا مجال لسردها هنا ..
أما القافية ، فهي لازمة فى نهاية الأبيات في الشعر العمودى الذي تتساوى تفعيلاته فى كل بيت ، و له قواعده الصارمة التي تحكمه ، أما الشعر الحُر الذي بزغ منذ نازك الملائكة و السياب و صلاح عبد الصبور ، فهو
( يتوخىَّ ) القافية و لا يلتزمها ، و الهدف من استخدام القافية في الشعر الحر ، هو إضفاء إيقاع نفسي في المقام الأول ، يتناسب و الحالة التي تشيعها القصيدة في نفس المتلقي ، و الفارق بين العمودي و الحر في جوهره ، هو فارق فكري و رؤيوي قبل أن يكون فارقا ً في الشكل ..
أما اللفظتين ( نهنهة ، قايضت ) التي ترَين أنهما ثقيلتان على اللسان ،
فأنا أحترم وجهة نظركِ هذه ، و هناك مَثلٌ يقول :
( لا نقاش في الأذواق )
و كما أسلفتِ حضرتك .. الناهد هو المرتفع من الأشياء .. أما
(أطفو على ماءِ نهديكِ ) ، فالمعنى البلاغي أخاله واضح .. فالنهدان
هما بحرٌ ( بكل ما يستدعيه البحر من دلالات )، و المخاطِبُ يتسامى ( يطفو ، يرتفع ، يعلو ) في تجليات هذا البحر ، و هذا المقطع يا سيدتي ،والذي يبدأ ب :
( سأعتادُ حزني .. و ألقي على مسمع النور و الظل ، فقرة شعر لدرويش ..
أطفو على ماء نهديكِ .. أصطادُ بعض الفراش ، و أطلقهُ .....إلخ )
هو استحضار لحالة ما بعد الإفتراق ، فالمخاطِب لا يستطيع التعايش
إلا بتجليات اللحظات التي عاشها مع المخاطـَب ، تجليات تبدأ كلها بالفعل المضارع ( أ ُلقي .. أطفو ..أصطاد .. أستعيد ..اغمس .. أرقص .. أغني ..) إذن هى حالة آنية لا يستطيع منها فِكاكا ، ألم نازف لا يستطيع تجاوزه ..
و وحدة زمنية متماسكة ، تعبر عن حالة شعورية واحدة ..
أشكرك أختنا الفاضلة مدام ناهد على ثنائك ، و ثراء المنتدى يتنامى
بأمثالكِ و أمثال أستاذنا د. أنس ، و كل المخلصين