أشكرك على حسن ظنك بى ..
و اعتقادى أن هناك من هو أقدر على تحليل عناصر هذا العمل المتميز ، و الذى أصبح يمثل تراثا مستقرا فى ضمائرنا ، و يستثير حنينا شجيا الى زمن انقضى !!
اعتقد أن استحضار الحالة النفسية للمتلقى ( القديم ) ، هو ضرورة للتشبع الوجدانى بالصورة الاذاعية .. فهى ( صورة ) تنفذ من المذياع الى سمع المتلقى ، ثم الى خياله مباشرة ، فيرسمها الخيال كيفما يشاء .. فالمستمع هنا يشارك ( شاء أو لم يشأ ) فى تصور ( الدراما الاذاعية ) .. بينما العمل المرئى ، يقدم رؤية محددة الملامح و المشاهد ، فتستقبلها ( العين ) استقبالا سلبيا
يتدخل فيها الخيال بقدر ضئيل
و دور المخرج للصورة الاذاعية هو فى المقام الأول شحذ خيال المستمع ، فلا يكتفى المخرج هنا بالسرد أو مناوبة الحوار فى أداء تمثيلى ..
بل يدعمه ( كما فعل أنورالمشرى فى عوّاد ) بأصوات خراف تثغو داخل البيوت ، و هديل طيور تتردد فى اتساع الحقول حين يكون المشهد (خارجيا ) ، و أصوات جموع متناثرة تنطلق فى صدى مكتوم حين يكون المشهد ( الصوتى ) داخل مقهى .. تلك مؤثرات صوتية تجعل العمل حيا و حيويا و شاحذا للخيال
و الصورة الغنائية ( عوّاد ) ذات الصيت و الشهرة فى عالم الدراما الاذاعية ، تدور فى أجواء ريفية محضة
و باستحضار الواقع الاجتماعى الذى عاصرته تلك ( الصورة ) ، فلن يخفى علينا أن عوّاد كُتبت ربما بتوجيه غير مباشر ، أو بتكليف من المؤسسة الاعلامية ، لتخدم توجهات مبادىء اجتماعية ، و التى تدعو الفلاح ( الصغير ) الى التمسك بالأرض التى تعد رمزا واضحا للانتماء ، والحض على الجد و الاجتهاد فى رعايتها و عدم التفريط فيها مهما كانت المغريات..
.
و مهما كان الدافع ( الخارجى ) وراء العمل ، و رغم ( شبهة ) التوجيه ، الا أن المناخ الفنى السائد فى ذلك الوقت ، لم يكن ليسمح بتمرير عمل فنى ضعيف ، و يكفى أن نتأمل الأسماء المشرقة للقائمين على ( عوّاد ) ..