العين هي نقطة اتصال ما بين العالم الخارجي للإنسان و عالمه الداخلي. و من الناحية الفلسفية فالإنسان له عالمين العالم الواقعي الذي لا يمكنه ان يتعرف عليه إلا بالمشاهدة، اما العالم الداخلي فهو العالم الدفين الذي لا يعلمه احد إلا رب العزة تعالى و صاحبه. و بما ان العين هي النقطة الرئيسية التي تجمع مابين العالمين، فانا اراها هي الأهم في الحب فلولاها لما رأينا الحبيب و لما تهنا في جماله.
اما القلب فهو الخزان الذينختزن فين ما تلتقطه العين فيعطينا احساسا بالحب.
اما من الناحية الأخرى فيمكن للإنسان أن يكون اعمى ورغم ذلك يحب شخصا ما دون الآخر: و هذا ما يحير العلماء اذ ان العين المعطلة لا تعطل عمل القلب الإحساسي و العاطفي.
و من هذا المنطلق ارى ان العين و القلب متكاملين و لا يمكن الإستغناء عنهما لكي نحب.
مش باقول لكم الموضوع كبير ( موضوع الحب و دوافعه ) و أن الاجابة تختلف باختلاف المجيب !!
و السبب موضوعى بحت لأننا بصدد قيمة ( معنوية ) ترتبط بالمشاعر و الأحاسيس و لا نستطيع اختبارها( معمليا )فنخرج بنظرية يخضع لها الجميع .. فالتعريف هنا يشبه محاولة تعريف ( الخير ، الحق ، الجمال ) تلك القيم التى استهلك البحث فيها كميات ضخمة من الأحبار و الأوراق .. و لكن ( موضوعيا ) أيضا الأمر يحتاج الى طرح وجهات النظر ، و الا التزمنا الصمت ، و هناك حكمة تقول :
لو لم يتكلم الانسان الا فيما يفهمه .. لأطبق على العالم صمت رهيب
فدعونا نتكلم و نجتهد جميعا ..
و رأى مدام سامية له اعتبار .. لأنها أصابت حين عرفت ( المعنوى
بالمعنوى ) متجاوزة الأفكار( الأرضية ) الى آفاق عليا و محلقة
و ( روحية ) تليق بالحب .. فالحب احساس راق .. متسام .. علوى ..
و ربما لو طرحنا سؤالا على أنفسنا ( نحن ) الذين يجمعنا فى هذا المنتدى عشق الراقى و الصادق و الأصيل من الغناء .. لماذا نحب تلك الأغانى ؟! و لماذا نشعر أنها تتسامى بنا و ترضى نزعة الجمال و الشجن و العاطفة فى جوانحنا ؟! .. أليس أغلب تلك الأغنيات يتناول موضوع الحب ؟! ألا يطرحها فى اطار فنى جمالى ( وكفى )!! ..
أتعرفون لماذا ( كفى ) ؟! لأن الوردة التى تعجبك و تستثير فيك كوامن البهجة و الجمال ، تلك الوردة اذا حاولت تشريحها بهدف
سبر أغوار سر الجمال فيها ، ستقتل فيها الجمال .. و ستقتل فى نفسك الاحساس بها !!
و لذا يظل السؤال : مين السبب فى الحب .. القلب و لا العين ، يبقى
سؤالا ( ثانويا ).. و أنا شخصيا من أنصار :
الحب فى الأرض بعض من تخيلنا ... لو لم نجده عليها لاخترعناه
و أعتقد أنه لا يوجد على وجه البسيطة واحد يستطيع أن يعطى تعريفا جامعا مانعا لجوهر الحب و كنهه و دوافعه و أسبابه !!
و اذا كان أخى هانى منحنى شرف القول الفصل فى الانتقال الى جدول الأعمال ..
فهاأنا أطرق بشاكوشى الخشبى على طاولة الحوار معلنا انتهاء الجلسة الأولى التى تناولت الأغنية الرقيقة الشهيرة لفنانتنا الكبيرة ( سعاد محمد )
الأخت العزيزه ساميه السلام عليكم ورحمه الله وبركاته سؤالك هذا يفتح موضوعا فى غاية الأهميه وهناك حقيقه أود أن أقرها فى البدايه وهى أن كل شئ فى هذا الوجود له جماله لكنه يتفرق الى جميل وقبيح بحسب رؤية الرائى أو تلقى المتلقى . هذه البدايه تدفعنا لأن نبحث عن تعريف للجمال وهو الأمر الذى دارت حوله مداخلات الإخوه الأفاضل والأخوات الفضليات . هل الجمال قيمه مجرده مثل الخير أو الحق أو العدل أم أنه نتاج علاقه بين الشئ الجميل أو الذى نعتبره كذلك وبين إحساسنا بجماله أى أن هناك إضافة ما من المتلقى للمعنى الجمالى بحقيقته الواقعه تعطيه الشكل الجمالى الذى يثير فى النهايه فيه ذلك الشعور بالنشوه والسمو . وأعود الى سؤالى الأول كيف نعرف الجمال وهل يمكن أن نجد تعريفا مبسطا للجمال . وسأضع بين أيديكم إن أردتم ما كتبته من كتابة متواضعه حول اشكالية القبح والجمال والخير والشر من منظور معرفى للشيخ الأكبر محي الدين ابن عربى وتقبلوا جميعا تحياتى وشكرا مرة أخرى للأخت ساميه .. أنس البن
نعم .. سنواجه صعوبة فى تعريف ( الألفاظ ) كلما استحضرنا أغنية لمناقشة معانيها أو الاشكالية التى تطرحها .. و الجميل أننا
نخرج من الحوار لا كما دخلناه ( دخول الحمام مش زى خروجه )
اذ يدلى كل منا بدلوه فى الأمر فنكتسب معرفة و ثقافة ، و نشحذ عقولنا و ( قلوبنا ) فى محاولة للوصول الى أطراف الحقيقة ..
و قبل الدخول فى ( خضم ) الأغنية التى طرحت ببساطة و تلقائية
سؤالا ،لم يخطر على بال كاتبها أنه شديد التعقيد ( قالوا البياض
أحلى و لا السمار أحلى ؟! ) و بغض النظر عن الاجابة التى أغلق بها كاتبها على المستمع أو المتلقى أى محاولة للاجتهاد ( قلت اللى شارينى جوة العيون يحلى !) ..فاننا بصدد محاولة لتعريف الجمال
كما ذكر أستاذنا د. أنس ( الذى عرفت للتو أنه من أصحاب التجليات ، و من مريدى الشيخ الأكبر !! )
فالبياض و السمار ، و النحافة و البضاضة ، و الطول و القصر ،
و كل مظاهر الجمال ( أنثويا كان أو ذكوريا )فى حاجة الى وقفة
منا نحن ( المسلوبين و الممسوسين ) بقطوف الغناء التى لها رائحة الجنة !!
الأستاذ حسن وضع أيدينا على مجموعة من المنطلقات يمكن أن
نستهدى بها فى موضوع النقاش الذى محوره ( الجمال ) تعريفا
وتقييما .. كضرورة التجرد من ثقافة المجتمع السائد أو ما يسمى
( الضمير الجمعى ) .. فربما بالفعل فى مجتمعنا لنضرة البيضاء
كان ( تثمينها ) أعلى ..
و بالنسبة لكون المغنية ( أنثى ) و المنطق يقول أنها تتحدث عن رجل ، فالكثير من أغانينا فيه تلك السمة ..ألم تجىء كلمة ( حبيبى )على ألسنة كل المغنين من الرجال ؟! .. و لكنها تؤدى
الغرض ( التخيلى ) لدى المتلقى !!
فاذا أعدنا العمل الى عناصره الأولى سنجد أن كاتب الأغنية ( رجل ) .. ثم جاءت الكلمة مغناة بعد ذلك على لسان أنثى ..
ثم المثل الذى أوردته يا أستاذ حسن عن البيضاوات الملونات العيون
و اللاتى يختفى جمالهن بمجرد سماع صوتهن ، يدعونا الى تفسير
الجمال بشكل متكامل ، و حتى ( أفترض ) عدم الوقوف عند
المظهر الخارجى للجمال .. فالبعد الروحى لا شك له أثره الأكبر