سلام و احترام،
أشكر شيخنا العزيز سي امحمد شعبان و أخونا العزيز الاستاذ عادل باي على هذه الحوارات الشيقة و الثرية عن صفحات هامة من تاريخ تونس العريق.
و عن تسمية باي أو ملك، و لمزيد من التوضيح و الإستفادة، انقل بعض ما قراته و فهمته في العديد من المراجع التاريخية عن ملك العائلة الحسينة و تطور علاقتها مع الخلافة العثمانية ...
في البداية بعد ان حررها العثمانيون من أيدي الأسبان في سنة 1574م كانت البلاد التونسية ولاية و تسمى ( وجقا أو سنجقا) و كانت السلطة ذات رأسين أحدهما مدني و هو باي و الثاني عسكري و هو داي و هما عادة من الأتراك ... و تجب الاشارة الى ان نفوذ الدايات كان أقوى من البايات و كانوا يتدخلون كثيرا في الحياة السياسية للبلاد و يؤثرون على مسار الأمور.
ثم تغير الأمر عندما تسلم الحسين بن علي مقاليد الحكم سنة 1705م و استطاع ان يجمع بين السلطتين المدنية و العسكرية. و كانت هذه أول أسرة مالكة قومية حيث أن مؤسسها الحسين بن علي كان (كرغلو أو كردغلو) أي من أب تركي و أم تونسية و أصبحت البلاد أكثر استقلالية تحت حكم الحسينيين لكنها ظلت مرتبطة بالخلافة العثمانية التي احتفظت بنفوذها السياسي و العسكري إن بطريقة مباشرة أو عبر دايات الجزائر التي كانت دوما على ارتباط وثيق بالخلافة في اسطمبول ...
و استمر هذا الوضع الى أن اعتلا حمودة باشا باي سدّة الحكم من 1756م الى 1814م ، حيث أصبحت البلاد بمثابة مملكة بأتم معنى الكلمة ... ذات سيادة و نفوذا كبيرين في وجه الدول الأوروبية أو الخلافة العثمانية الى ان وصل الأمر لمجابهة عسكرية عندما بادرت اسطمبول باحتلال جزيرة جربة سنة 1793م كبداية للتضييق على الدولة الحسينية المتنامية القوة و استرجاع نفوذها على البلاد... فما كان من حمودة باشا باي الا أن تصدى عسكريا للعثمانيين و طردهم من جزيرة جربة بل واصل ملاحقتهم الى ان طردهم ايضا من طرابلس في ليبيا و أعاد الحكم لعائلة القرمانلي المسالمة التي أقصاها العثمانيون عن الحكم ..... و بعد هذه التطورات الحاسمة، أصبحت الدولة الحسينية في وضع مملكة كاملة السيادة سياسيا و عسكريا و اقتصاديا مع تواصل الروابط المعنوية و التاريخية باسطمبول.... و لكن لقب باي ظل لقب ملك البلاد حتى تحولها دستوريا الى جمهورية، سنة 1957...