رفقاء المشوار (3)
عبد الحليم حافظ
الإثنان في ذمة الله
نختلف حولهما او نتفق , كلاهما فنيا قدم لنا ماأسعدنا بدرجات , تقييم كل منهما يخضع لمشيئة كل مستمع , اذا قلنا ان حليم لايرقى فنيا لمرتبة موسيقار الأزمان , فنحن لانجافي الحقيقه , ليس انتقاصا من حليم , لكننا نعطي كل ذي حق حقه , اذا تعصب احدنا لفريد ضد حليم , فهو تعصب حب وتقدير للموسيقار , وأسف لهضم حقوقه فنيا واقتدارا , تعصب على المستوى الفني للفارق الكبير بينهما , وتعصب للجانب الإنساني , لأنه بقدر طيبة وطفولية موسيقار الأزمان في تقييم علاقاته بالناس , يجابه بخبث وطوية لانحبها من حليم ولانرجوها لأحد , نختلف حولهما في كثير من الأمور الفنيه والإنسانيه , على مدى مساحتنا الجغرافيه والعقليه , لأن المتابعون والمهتمون والمنصفون , يعلمون مدى الأذى النفسي الذي طال الموسيقار من شلة فنيه تضم في زمرتها حليم , تنافس غير شريف وحسد ظاهر باطن , مدعاه ان فريد ليس مصريا !؟ وانه جاء من بقعة جغرافية مختلفه , برغبته او بغيرها , المهم انه جاء لينافس اصحاب الدار , ويشاركهم اللقمة ويخطف الأضواء ؟!
هذا بظنهم , ونسوا ان الفن لاحدود ولاجنسية له ,وإلا لما استمعنا الى تشيكوفسكي وكورساكوف وهاندل وسواهم , ولقبعنا خلف الربابة والسمسميه نردد خلفها ماورثناه من آباءنا تحت الخيام , وتناسوا ان ميدان الفن لايقبل الا الجيد وان قبل الرديء احيانا , فإنه يلفظه سريعا عندما يأتي الجيد ويفرض نفسه , وبدلا من محاولة الهدم تحت اي اعذار ومبررات عقيمه , كان الأجمل ان نبني حدائق جوار الحدائق ونترك المستمع تأخذه اذناه الى حيث يرغب , بدل المنافسه السيئه والمؤامرات والنفاق والتزوير والكذب , البعض قلب ميدان الفن الذي يسمو بالمشاعر الى ميدان حرب كريه , والضحيه المستمع العربي الذي يسعى الى الفن الجميل بكل الوانه .
بعد هذه السنوات الطويله وذهاب جيل او مابقي منه وظهور جيل آخر , واصوات والحان وميول ومتغيرات سياسه وجغرافيه وسلوكيه , لن ينفع ان نتحدث عن امر اصبح في ذمة التاريخ , لكنني اقول رأيا , وسواء وافقني او خالفني البعض , هي سطور للتذكير ومحاولة صادقه لوضع النقاط على بعض الحروف .
وبعيدا عن الأنحياز او الرفض , ليس لنا الا ماقد حصل , وإن كنا ( نتمنى ) لو ان حليم او غيره لم يحجبوا حناجرهم عن الحان موسيقار الشرق .
في الختام , هنا موسيقار شامل اسعدنا بموسيقاه , وهناك مطرب بين ثنايا صوته كتلة من الإحساس الفني .
******
ابوجمال
.
رد: مجلة موسيقار الأزمان ( العدد الثالث )
العرض الشجري