والله انتعشت وانتشيت بكل ما بدر منك ومن أخينا الدكتور أنس الذي لا يكف عن نشاطه الدؤوب بكل منتديات سماعي . ووالله لولا ما رأته الآن منكما لكنت انفجرت - ولو بعد حين - مما شعرت به من حزن ومرارة منذ مدة : فلقد غدت بعض الأقسام - إن لم يكن أغلبها - مصبّا للقصائد التافهة والقصص السخيف من بعض من دب وهب . وما حز في نفسي اكثر هو الإطراء والثناء ولا أستحي أن أقول : من أغلب من دب وهب . فرفقا يا أهل الدار بمشاعرنا وأصالة أدبنا . يا حبيبي كمال والله -غيرة على الأدب وأهله - لن يهدأ خاطري إلا يوم أن أرى هذه السخافات و الرداءات قد ووريت أوقبرت ولو كره المتطفلون . فلنعم مبادرتكما الثمينة اليوم . كان الله في عونكما ووفقكما لما فيه خير الأدب العربي الأصيل الذي هو من أبرز مقوماتنا . حياكما الله .
الوالد العَزيز ،،
و شيخنا المُوَقـّر الجليل إمحمد شعبان
يُبهِجني ، أن ألمَحََ مداخلة ًلحضرتك ، حتى قبل أن أعِي مضمونـَها
، كما يُبتـَهَِجُ بالرائحةِ الزكيّةِ ، قبلَ تـَسْمِيَتِها
أشكرُ لكم " غيرتكم " على ملتقى الأدباء ، و التي جاءَت في مَحَلـِّها ، و سأعملُ " مُستئنِسـاً " بظِلِّ شجرةِ الدكتور أنس ، على التخلص من الشوائبِ التي تـُعَكرُ صفوَ ماءِ الإبداع
إسمَح لي يا سيدي الفاضل ،، أن أتواصلَ مع وجهةِ نظركم ، بطريقةٍ أكثرَ تفصيلاً و إيضاحاً ، و فيها من " الفضفضةِ " ، ما قد " يُغـَلـِّبُ " وجهة نظري الشخصيّة ، على " الحِياد " الذي أُلزمُ نفسي به ، حين أتطرقُ إلى موضوعٍ " عام " ..
لو أنني تعاملتُ مع الإسهاماتِ الأدبية في المنتدى ، بحسب تقديري " الشخصي " ، و فهمي للإبداع ، فسأُبقِي على أقل من 5 % ، من كافةِ الإسهامات ،، حتى أنني قد أذهبُ إلى عدم الإعتِدادِ ، بالقصائِدِ
المكتملةِ الشكل !
" حين أُطالِعُ قصيدة شِعر ٍ " مثلاً " لأحد الأعضاء ، و أجدها كاملة الشكل ، لا يأتيها الباطلُ نحواً أو عَروضاً ، و لكن بـِنية الجملةِ الشِعرية ، و لعبة البلاغةِ ، و تراكيب الألفاظ التي تؤدي إلى المعاني و الجَماليات ، كلها تنتمي إلى نفسِ بنية القصيدةِ الجاهليةِ أو العبـَّاسيّة ، و تفتقدُ القصيدةُ إلى المغامرة اللغوية ، أو الطرح المُغاير للسائِدِ و المُكرّر ، فإنَّ رأيي في القصيدة ، أنها ليست إبداعاً ،، و لو طاوعتُ رأيي هذا ، كمشرفٍ يحملُ " افتِراضاً " ، ضميراً أدبيّاً و استِنارياً تقدُّمِيّاً ، فربما تفتحونَ صفحات قسم الأدباء ، لتجدوها تحتوي على أربعةِ أسماء فقط لا غير ! "
غير أن الأمرَ يجبُ أن يُرى من أفـُق ٍ أوسع من مُحَدِّداتٍ مُسبـَقـَةٍ ، أو شروط صارمة ، يجدُرُ تطبيقها على النص الأدبي ،، و هو ما أسميّه " الاستجابة لحتميّةِ واقعِ الحال " !
ما أقصِدُ إليه ، أن التعامل بذِهنِيّةِ " النـُخبة " أو " النـَّفىّ " ،، هو نهجٌ لا أراه واقِعيّاً ، لأسبابٍ :
أولها ، أن " سماعي " ، منتدى غير متخصص في الأدب ،
ثانيها أنني أنطلقُ من مفهومِ أن المنتدى يجبُ أن يكون جاذِباً ، لا " طارِداً " للأعضاء ..
ثالثها أن المستوى اللغوي و الثقافي بشكل ٍ عام " و هو أمرٌ لا يخفـَى على حِكمَتِكم " ، صارَ ضحلاً في عالمنا العربي ، و أصبح المُبدِعُ الحقيقي الذي يستطيعُ أن يجدَ مكانه على خارطة الإبداعِ ، هو عُملة نادرة ، حتى في المنتديات المتخصصة ،،
" لو طبقنا " مثلاً " ، مِعيــار " الفـُصحى الصحيحة السليمة التي لا يشوبها شائِبة " ، و اشترطناها كمعيار ٍ لقبولِ المشاركة ، فعلى " جُلِّ " الأعضاءِ السلام ، و جُلّ هنا ، أعني بها 99% من المشاركات " في فضاءِ المنتدى بالكامل " ، فباستثناءِ خمسة أعضاء على الأكثر ، يمكن رصد أخطاء إملائية لا حصرَ لها " ..
رابعها ، أن تعددَ الوجوهِ و الأصوات في قسم الأدباء ، يثيرُ زخماً و يحققُ تفاعلاً ، و يُقيمُ حِراكاً ، تفتقدُ إليه أقسامٌ أخرى " هي بطبيعتها ذات منحىً أكاديمي " ،،
و ربما يذهبُ الظن بالبعض أنها تعاني من الكساد ، على حساب حَرَكةٍ فاعلةٍ في قسم ٍ آخر ،، و هي مقارنة جائرة غير منطقيّة ..
و واقعُ الأمرِ أن " الضحالة " العامة ، و انصرافَ الناس عن القراءةِ و المعرفة ، هو أمرٌ واقعيٌ لا ناقة َ لنا فيه و لا جَمَل ، و منَ غير المنطقي ، لومُ " الناس " على الإنصرافِ عن " موسوعة سماعي مثلاً " ، لأن المَلومَ " عام " ، و لأن اللائِمَ لن يُصغـَى إليه ..
و رأيي " كمشرِفٍ على هذا القِسم " ، أن المنتدى يجب أن يحرِصَ على " الحِراك " في الأقسام التي يتحركُ فيها ماءُ المشاركاتِ و المداخلات " مثل قسم الأدباء " ،، حتى لو لاحظنا بعضَ التجارب التي لا ترقى إلى مستوى النضج الأدبي ، و السيطرةِ الكاملة على أدواتِ الكِتابة ..
كما يُحَتـّمُ " واقِعُ الحال " ، ضبط آلية التعامل مع الإسهامات الأدبية ، في ظلِّ معطياتٍ أخرى ، لا تقتصرُ على خبرةِ التقييمِ و التقويم النقدي للمشرف
وما حز في نفسي اكثر هو الإطراء والثناء ولا أستحي أن أقول : من أغلب من دب وهب . فرفقا يا أهل الدار بمشاعرنا وأصالة أدبنا .
الثناءُ و الإطراء " المُبالغُ فيه " ،، أشـَبِهه " بالنقطة " في الأعراسِ المصرية ، و لا أدري إن كانت تـُشـَكـِّلُ عادة ً إجتماعيّة في تونس ، أم لا
و الحَقُّ ، أن " الثناءَ و الإطراء " ، يحتاجُ بعض الجَهدِ ، في تفكيكِ " مضمونِه و توجُهِهِ "
المُستـَهْجَنُ هُنا ، هو الثناءُ الذي يشبه " المُداهَنة " ، و الذي يتلخصُ في إسداءِ المَديح " بالحقِّ أو الباطل " ، و يهدِفُ صاحبه ، إلى استِردادِ هذا المَديح أضعافاً مُضاعفة ، عندما يأتي عليه الدّور ! " هذا ما أقصِدهُ بالنـُقطة ، في الأعراس المصريّة "
و هناك ثناءٌ و إطراء ، صادق التـّوَجه ، صافي النـِّيّة ، يُعَبِّرُ عن الإعجابِ بالعَمَل ، و إن كان صاحبه " في الغالب " ، لا يملِكُ الأدوات الفنيّة التي تـُعِينه على هذا التعبير
ثناءٌ ثالث " و هو حَقٌ للكاتب الذي يجيد ، و يكونُ فيه " المُثنِي " ، على قدرٍ مِن الوَعى بالشعر و أدواته ، أو القصةِ و أدواتِها ، فيكون ثناؤه ، مدعوماً بقدرٍ من المعرفةِ و الوعى
أما النقد و التقويم ، و الذي يتوخى الاتجاهات النقدية التي تبلورت معالمها و أطـُرها ، في التعامل مع النـَّصِ الإبداعي ، و الذي لا يتطرقُ إليه مفهوم " الثناءِ و الإطراء " ، فهو النموذج المثالي " النادر " هنا ..
من وجهةٍ أخرى " تختصُّ بالجانبِ السلوكي " ،،
يمكنُ رصدُ هذه الظاهرةِ " ظاهرة الإطراء و التمجيد " ، في معظم المنتديات ،، حتى أن تلك الآليّة ، صارَ لها وجاهتها و مبررها " سلوكيّاً " ، حيث أنَّ " الآخر " في الشبكة العنكبوتية ، مُختـَزَلٌ فيما يكتب فقط ، بينما يحتجبُ مِنه ، طريقة أدائِهِ ، و لكنة صوتِهِ ، و ملامحه .. إلخ
لذا ، فإن المديحَ الذي لا يتناسَبُ و المَقال ، هو نوعٌ من تأكيد حُسنِ النـِّيةِ تجاه الآخر الذي لا يرى من الآخر ، سوى حروفاً مكتوبة ..
و إن كانت هذه الظاهرة لا تنفي أن المُبالغة في المديح ، و إضفاءِ الألقابِ المجانيّة ، هو أمرٌ قد يثير الشفقة على المادِحِ و الممدوح
لك جزيل شكري أيها الوالد العزيز ، على هذه المداخلةِ القيّمةِ ،
و التي أثارت شجوناً