الاخت الفاضلة عفاف دعينى اقول اولا نورت المنتدى ؛الذى افتقد حيويته كثيرا بغياب روحك المرحة ؛و طيبة قلبك اما عن خاطرتى التى كتبتها ؛ فلم اقصد بها سوى تصوير حالة هذا العالم اذا ما استطاب حالة التبلد تجاه كل ما هو قبيح فى حياة اسرتنا الانسانية عامة ؛ ووطننا خاصة ؛ حيث افرد القبح اشرعته فى كل شئ. طابت نفسى لعودتك اختى الحنون ؛ ولك منى خالص الشكر و التقدير
أحييكَ على هذه ـ البادِرة ـ الإبداعيّة ، و التي كان لابد لها أن تبزغ َ ، مثل ثمرةٍ في شجرةِ معرفتكَ المتخمةِ بقراءاتٍ متعددة ، و خاصة في مجال الأدب
هذا العمل " على قِصَرِهِ " ، إلا أنه متخـَمٌ بالإحالات ، بما يؤكد ثراءَهُ ، و خروجه من بوتقةِ انفعالاتٍ ، نتجت عن امتزاجِ مشاهداتِكَ الواقعية ، و خبراتِكَ الذاتيّة ، مع ثقافتكَ الإطلاعية التي أعرفها جيداً باعتبارنا أولاً " أصدقاء قدامى " منذ ندوات قصر الثقافة ،، و ثانياً ، لعلمي بحجم و تنوع " مكتبتكَ المعرفية " و دَأبـِكَ على القراءةِ بنهم ٍ و عقل ٍ مُتأمّل ..
في مُناخٍ حُلمِي " كابوسي " ، جاء السردُ بمثابةِ " تعريةٍ للعقل ِ الباطن " و أضغاثِهِ التي تطاردنا ،،
السارد هنا ، يحيلني كقاريءٍ إلى انفعالاتِهِ ، و يستدعي إلى ذاكرتي الأجواءَ " الكافكاوِيّة " التي تغمر نفسَ القاريءِ بالقلق و التوترِ و الخوفِ و المرارة و الاغتراب و الألم و العذاب و القسوة و الرعب ،، معتمداً الرمزيّة في الكتابة ..
لقد عَرَضَ لنا السارِدُ ، " سطحاً " وصفيّاً بَصَرِيّاً ، يخفي تحت " رمزيتِهِ " براكينَ و أهوالا ..
إن هذا " الخراب " ، و التشوهات المقززة ، ذكرتني بالشيخ الصوفي بشر الحافي " عند صلاح عبد الصبور " :
حين فقدنا هدأة اليقين ،، تشوهت أجنة الحَبالى في البطون ،، الشعر ينمو في مغاور العيون ، و الذقنُ معقودٌ على الجبين ،، جيلٌ من الشياطين
و أيقظت في ذاكرتي " الأنشودة السادسة " بالذات ، في الكوميديا الإلهية لدانتي الليجيري
كما أن " العيون حجرية ،، الآذان مطموسة ،، الوجه خشبي " ،، كلها رموز تدل على البلادة و انعدام الحِس ، و السلبيّة ، كما عند " قرود الحِكمةِ الثلاثة " ـ لا ارى / لا أسمع / لا أتكلم ـ ..
و هذه التخمة من الإحالات ، تجعلُ مِن نصِّكَ القصير ، عِملاقاً تم حَبسُهُ في قمقم الاختزال ..
العنوان يوحي بالمغزى
" رأيتُ فيما يرى الصاحي " بديلاً عن " النائم " ، تود أن تقول أن المسافة بين الكوابيس و الواقع غير موجودة ، أو متلاشية ، و أن الواقعَ صارَ كابوسياً قبيحاً خانِقاً ..
أوحيتَ لنا بانهيارِ المنظومة الجَمالية و الأخلاقية ، و نجحتَ في استفزاز شعور المُتلقي ، بتوظيف مفرداتٍ و عناصر و رموز ، تدعو للغثيان و التقزز و النفور ..
لقد استدرجتني بامتياز ٍ إلى كوابيسِكَ التي " يَتـْرَعُ صَداها داخِلي " ، و نجحتَ في بناءِ و وصفِ أجوائِها المُنـَفـِّرة ،، و من وجهةِ نظري ، أرى أن مقولة : ( إن الفن يجب أن ينطلقَ من اللاوعى ) ، تنطبقُ على أجواء هذا العمل
و في هذا النص ، أنت تصوّر الواقعَ من داخلِكَ ، لا كما هو ، أو بمعنى آخر ، الواقع المنعكس من مِرآةِ عقلكَ الباطن ، لذا ، فإن هذا النصَّ مفتوحٌ على تفسيرات متعددة ، و لا يجدرُ تقييد رموزه و إحالاتِهِ ، بربطها بالواقع المباشر ..
و إذا كانت الألفاظ ُ في ذاتِها " مجَّانيّة " ، فإن المَحَك َّ الحقيقي للمبدع ، هو في القدرةِ على توظيفِها داخل إطارٍ درامي مُحكَم ،، و توظيفكَ ، جاءَ في بـِنائِيّةٍ حُلمِيّةٍ ، يتشكلُ عالمها من الرموز ، التي تنتمي إلى اتجاهاتِ الكِتابةِ النفسيّة ، أكثر مِنها " الفلسفيّة "
أخي علاء ،،
لقد ألقيتَ حَجَراً كبيراً ، في بُحيرةِ عقولنا " الغافية " ، و التي تعودت أن تعيشَ القبحَ ، فاعتادَتـْهُ ، حيث انطمست الحواس ، و سادت البلادة ُ و عدم الاكتراث ،، و عجز الإنسانُ عن تمييزِ " البديهيّات " ، و صِرنا نتخبَّط ُ في ظلماتِ جَهلِ المشاعر ، و ضحالةِ المعرفة ، و غلاظةِ الشعور ، و ركاكةِ التعبير و الأداء
اخى و صديقى الشاعر كمال عبد الرحمن هل اكتب بعدما كتبت انت شئ؟ انا لا اعجب من قدرتك الفريدة على قراءة نص ادبى ؛ و رؤية ما يعنية النص دون مراوغة و لا تاويل؛ فانت اهل لها وعجبى كله ؛ ان ترد على خاطرة عابرة ؛ قد ينقصها الكثير ؛ و الكثير من لوازم صنعة الادب ؛ بمثل هذا الشلال الرائع من صندوق ثقافتك العالية ؛ التى تصنع من الخاطرة القاحلة ؛ باقة ورد تجملها ؛ بتوسيع دائرة الضؤ عليها ؛ باستعادة الرؤى المشابهه التى سبقنا اليها عمالقة الادب ؛ ورائدى الادب الرمزى ؛و العبثى احيانا ؛ فالبست الخاطرة ثوبا جميلا ؛ و لما لا وانت صاحب ثقافة عالية؛ وشاعرا لبيبا ؛وذائقة فريدة فى شتى الفنون ؛ سعادتى كانت كبيرة حين قرات ردك الحانى على الخاطرة ؛ ولم احزن لعدم تناولك الخاطرة من جانبها اللغوى ؛ او الجانب الاخر من النقد ؛ لانى اعلم جيدا انها مجرد خاطرة لما يجيش بصدرى ؛ و لم اقصدها ابدا عملا ادبيا ينتظر التقييم ؛وانما هى حديث نفس ؛ وصدى ما قد اراه بعيد او قريبا اذا الفنا ما نحن فيه من قتل يومى لكل ما هو جميل ؛ دون ان نشعر باننا جناة اخيرا افتقدك بشدة ؛ وافتقد مجلسنا الحبيب؛ و موضوعاتك المدهشة