التمثيل الرقمي
محاولة لشرح المفهوم النظري لعملية تحويل التسجيلات الصوتية الى الصيغة الرقمية أو التمثيل الرقمي ( Digitizing أوDigitization ) بصيغة مبسطة ومحاولة شرح بعض المفاهيم المتعلقة بها والتي تبدو غامضة
الكثير من مواضيع عالمنا الرقمي الحديث (عالم الكومبيوتر) تبدو غامضة أو غير مفهومة للكثيرين والسبب الرئيسي برأيي هو عدم معرفة أساسيات تلك المواضيع والتي هي في كثير من الأحيان بسيطة وساحاول في هذا الشرح توضيح أساسيات التسجيل الرقمي وبعض خصائص الصيغة المضغوطة للملفات الصوتية (MP3)
قبل الدخول في شرح موضوع الصوت سأحاول أخذ أمثلة من عالم التصوير لتقريب الفكرة ولأنه يبدو أو يعطي نتائج أوضح في الشرح ثم سأعود لاقارن تلك الأمثلة مع موضوع الصوت لتقريب الفكرة
كل الأشارات السمعية والبصرية في عالمنا الحالي (عدى العالم الرقمي) تسمى تماثلية (Analog) مثل صوت الانسان وتسجيلات الأشرطة الصوتية والفيديوية والمناظر الطبيعية
فمثلا لو نظرنا الى زهرة في الطبيعة لشاهدنا انها تحوي تفاصيل كثيرة و تنوع هائل من الألوان ولو اقتربنا منها سنشاهد تفاصيل أكثر وأدق ولو حاولنا تفحصها بالمجهر لشاهدنا تفاصيل أكثر وتباين كثير في الألوان لمنطقة قد تبدو للعين المجردة بلون واحد
وعندما نلتقط صورة رقمية (بواسطة كاميرة رقمية) فسنحصل على صورة تبدو مطابقة للأصل وبنفس الألوان والتفاصيل كما نلاحظ في الصورة المرفقة (كما في الشكل رقم 1)
(الشكل رقم 1)

ولكن كلنا يعلم (من خلال تعاملنا مع الصور الرقمية) بان هذه الصورة تتكون من مجموعة نقاط مصفوفة افقيا وعموديا وكل نقطة تحمل لونا معينا وهي جميعا تبدو كنسخة طبق الأصل من المنظر الأصلي ولكننا عندما نقرب تلك الصورة لنشاهد التفاصيل سنرى تلك النقاط و الفرق في الألوان بينها كما في الصورة المقربة لمقطع من الصورة السابقة (كما في الشكل رقم 2)
(الشكل رقم 2)

وعدد هذه النقاط هو مايميز كاميرة عن اخرى حيث هناك كاميرات 5 ميكا بيكسل و 8 ميكا بيكسل و 10 ميكا بيكسل و 14 ميكا بيكسل وبعض الكاميرات الخاصة تصل الى 2300 ميكا بيكسل
والبيكسل هو النقطة الواحدة في الصورة
وكما نلاحظ ان هنالك دائما حدود للدقة وهذا يعني اننا لانستطيع ابدا خزن كل التفاصيل ولذلك علينا الاكتفاء بحد معين يضمن جودة الصورة بالنسبة للعين المجردة وكذلك حجم ملف الصورة والذي يجب أن يكون في حدود المعقول
والمقصود من الشرح السابق هو ان الصورة هذه ليست سوى مجموعة من الأرقام تتمثل بالنقاط وألوان تلك النقاط والتي هي أيضا أرقام وهذه هي الصيغة الرقمية لمنظر الزهرة
وكما ذكرنا ان جودة تلك الصورة متعلق بعدد النقاط فكلما زاد عدد تلك النقاط زادت جودة الصور
فلو نلاحظ النسخة التالية والتي هي نفس الصورة السابقة ولكن بدقة أقل (نفس الابعاد ولكن بعدد أقل من النقاط) سنرى ان الكثير من التفاصيل مفقودة مقارنة بالصور الأصلية وبالأخص في حافات الأوراق حيث المناطق الفاصلة بين الألوان (كما في الشكل رقم 3)
(الشكل رقم 3)
هنالك ناحية اخرى مهمة جدا ولكن كثيرا ما يتم تجاهلها وهي عدد الألوان (أو تنوع الألوان) ومامعناه كمية المعلومات المستعملة لخزن اللون لكل نقطة والسبب في تجاهل هذه النقطة هو انها اصبحت من الثوابت في يومنا هذا بالنسبة للكامرات الاعتيادية والتي تتمثل ب (24bit) لكل نقطة
وفيما عدا الكامرات الاحترافية التي قد تزيد عن هذه الثوابت
ولو قمنا بتقليل كمية تلك المعلومات للألوان للمثال السابق من 24 الى 4 لحصلنا على صورة فاقدة لمعظم التفاصيل والتي كانت مخزنة بتباين الألوان وتنوعها كما نلاحظ (كما في الشكل رقم 4)
(الشكل رقم 4)

ولكن هناك شي أخر يجب أن نفهمه وهو ان الصورة الأخيرة كملف أصغر ب 6 مرات من الصورة الأصلية بالرغم من انها تحوي نفس عدد النقاط وهذ ناتج عن خفض كمية معلومات الالوان الى السدس
باعتقادي ان كل المعلومات السالفة الذكر معروفة للجميع والهدف منها هو لتوضيح الصورة التي يمكننا ان نشاهدها ونميزها في الصور ونفهم التغيرات الحاصلة عليها ولكننا لانستطيع ذلك في التسجيلات الصوتية والكثير منا يقوم بتغيير أو معالجة او فلترة التسجيلات الصوتية وهو يعتقد انه يقوم بتحسينها ولكن وللأسف العكس هو الصحيح حيث يتم ازالة الكثير من المعلومات المفيدة من ندون ان نلاحظ ذلك ولهذا السبب انا اشدد دائما على موضوع تحليل الطيف في معالجة الصوت والذي يمثل صورة الصوت وهو يعطي معلومات قيمة جدا لاتستطيع اذننا البشرية فهمها أو تمييزها
... يتبع ...