و الشِعر عند ناصر دويدار ،، و الذي تمتدُ معرفتي به إلى سنواتٍ طوال ، له رائحة الشوارع و البيوتِ و الناس ،، و ينحاز " للفقراء ، مِلح الأرض " : والدنيا ف الأخر ،، رايحة رايحةللغلابة
و الصوت الذي تبناه في " تجليات 3 " صيغَ في خطابٍ رؤيويٍ مباشر ، يشبه صوت الحِكمةِ التي لا يأتيها الباطل ،، و لها مذاقُ " المُغادَرة " ، مغادرة " الحالة الشعورية و الإنفعالية في القصيدة "
فيما يشبه " دنيا و فيها كلِّ شِيِ ،، و كل مِن جاها مِشيِ " في الزوجة الثانية ،، و يشبه " زحمة يا وِلداه ،، كام عَيِّل تاه " في الليلة الكبيرة ،، و هذا العبور " السِلمي " ، من الخطاب " الوصفي " ، إلى الخطاب الفلسفي ، لم يصنع فجوة ً في روح العَمَل ،، فهو يشبه " توقيع الشاعر " في الركن الأقصى من اللوحة ،
ما ألاحظه " إجمالاً " في أعمال ناصر الشعرية ، أن منطلقه الفكري هو محاربة " الزيف " أيـََاً كان لونُ قِناعِه،، ..
و ما يبدو لي أيضاً ،، أن هذا المنطلق ، امتدَ ليشملَ العناصر الشكلية أو الخارجية للشِعر عنده ! فالصنعة في الشِعر ، و التكلف " الشكلي الزخرفي " هو نوعٌ من الزيف ،، و التشكيل الجَمالي ، يجب أن ينبعَ من الوشائج الداخلية للعمل ،،
أمّا بعد ،،،
ناصر دويدار ، كان رمزاً للتمرّد و السخط في "شِلـَّتِنا " القديمة ،، و التي احترنا في تسميتها ، بـِنِيّةِ الترميز أو تأكيد التمايز ، و أذكر واحدة ً من المسميات : " ذوي الياقات المتسخة "
كنا نشعلُ ندوة الأربعاء في قصر الثقافة ،، و كان يسعى إلينا جمهورٌ عريض ، يتذوق الشِعرَ و يتعاطى مع الإبداع ،، هذا الجمهورُ الذي انحسَرَ فيما بعد ، بعد انتشار وباء الحداثة و " المحدثين " ، و انصرافِ مجموعتِنا إلى مشاغلها اليومية ،، أو إلى " السعى البغيض " على رأىّ الشاعر عادل عزت
أكلتنا الشوارع ، و مكتبة البلدية ، و دواوين الشعر ، و البنات ، و مقهى الحبروك ، و حزب توتو ، و الأتيليه ، و البحر ، و أمل دنقل ، و صلاح عبد الصبور ، و محمود درويش ، و عفيفي مطر ، و فؤاد حداد ، و صلاح جاهين ، و الأبنودي
و نموت " قريباً جداً " تاركينَ خدوشاً على " سَمْتِ الأميرِ الأنثويِّ الصَّبوح " يا ناصر ، دون أن نستعيرَ " حالة " الشِعر ،،
نحن شِعرٌ يمشي على قدمين !